أذنة والمصيصة، فاستنجد أهل أذنة بأهل طرسوس، فجاؤوهم في خمسة عشر ألف فارس وراجل، فالتقوا، واشتد القتال، وركب المسلمون أقفية الروم، وأتبعوهم، فخرج للروم كمين اقتطع أربعة آلاف راجل، فقاتلوا عن أنفسهم وتحيزوا إلى تل، فقاتلوهم يومين، ثم كثر عليهم جموع الروم، فاستأصلوهم. ثم نازلوا المصيصة، ونقبوا سورها في مواضع، فكان المسلمون يحاربونهم في النقوب، ويحرمونهم. ثم ترحلوا لإنجاد سيف الدولة أخاه والمسلمين.
وفيها ملك المسلمون حصن اليمانية بجبلة، وهو على ثلاثة فراسخ من آمد.
وفيها جاء عسكر من الروم، وكادوا أن يملكوا حصنا من نواحي حلب، فسار لحربهم عسكر سيف الدولة، فالتقوا فلم يفلت من الروم فيما يقال أحد، وقتل منهم خمسمائة، وتجرح المسلمون وخيولهم. ثم جاء الخبر بنزول الروم على المصيصة مع تقفور ملك الروم، وعلى طرسوس، وأنهم في ثلاثمائة ألف، ونزلوا بقرب البرندون، وبثوا خيولهم وعاثوا وأفسدوا، ثم ترحلوا للقحط، فتبعهم الطرسوسيون، فقتلوا وأسروا طائفة، ولطف الله، وله الحمد.
[سنة أربع وخمسين وثلاثمائة]
فيها عمل يوم عاشوراء ببغداد مأتم الحسين كالعام الماضي.
وفيها وثب غلمان سيف الدولة على غلامه نجا الكبير وضربوه بالسيوف، وكان أكبر غلمانه ومقدّم جيشه. وسار سيف الدولة إلى خلاط فملكها وكانت لنجا.
وفيها توفّيت أخت معزّ الدولة ببغداد، فنزل المطيع في طيّارة إلى دار معزّ الدولة يعزيه، فخرج إليه معزّ الدولة ولم يكلّفه الصعود من الطيّارة، وقبّل الأرض مرّات، ورجع الخليفة إلى داره.
وفيها بنى تقفور ملك الروم قيسارية، بناها قريباً من بلاد المسلمين وسكنها ليغير كل وقت، وترك أباه بالقسطنطينية، فبعث أهل طرسوس والمصيصة إليه يسألونه أن يقبل منهم حملاً كل سنة، وينفذ إليهم نائباً له يقيم عندهم، فأجابهم، ثم رأى أنّ أهل البلاد قد ضعفوا جدّاً وأنّهم لا ناصر لهم،