عمل ببغداد يوم عاشوراء كعام أول إلى الضحى، فوقعت فتنة عظيمة بين السنّة والرافضة، وجرح جماعة ونهب الناس.
وفيها نزل الدمستق على المصيصة في جيش ضخم، فأقام أسبوعاً، ونقب السور في أماكن، وقاتله أهلها فضاقت بهم الأسعار، ثم رحل عنها بعد أن أهلك الضياع، وإنّما رحل لشدّة الغلاء فإنّ القحط كان بالشام والثغور.
وفيها بعثت القرامطة إلى سيف الدولة يستهدونه حديداً، فسير لهم شيئاً كثيراً منه أبواب الرّقة، وحمل إليهم في الفرات، ثم في البريّة إلى هجر.
وفيها خرج معزّ الدولة إلى الموصل غضبان على ناصر الدولة، فلما وصل في الماء إلى بلد، كان قد لحقه ذرب شديد، فخلّف بالموصل جماعة من الأتراك لحفظ البلد، وقصد نصيبين، فسار ناصر الدولة إلى ميّافارقين، فساق وراءه طائفة فخرج عن ميافارقين، ولا يدرى أين ذهب، فرجعت الطائفة إلى معزّ الدولة. ثم جاء ناصر الدولة إلى الموصل واقتتل مع من فيها، فظهر وانتصر، فاستأمن إليه الدّيلم، واستأسر جميع الترك، وأخذ حواصل معزّ الدولة وثقله، فسار معزّ الدولة يريد الموصل، وجرت لهم فصول. ثم اصطلحوا، وعاد معزّ الدولة إلى بغداد خائباً.
وفيها جاء الدمستق إلى طرسوس وأهدى هدايا إلى سيف الدولة، فاحتفل وجلس على سرير وعلى رأسه تاج.
وفيها عمل لسيف الدولة خيمة عظيمة، ارتفاع عمودها خمسون ذراعاً.
وفيها توفي بندار بن الحسين الشيرازي الزاهد العارف بأرجان، وأبو بكر محمد بن أحمد بن خروف المحدّث بمصر، والحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة الأصبهانيّ بها، والحافظ أبو عليّ سعيد بن عثمان بن السكن البغدادي بمصر، والمحدّث أبو القاسم عليّ بن يعقوب بن أبي العقب الدمشقيّ بها، وأبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري بدمشق، وأبو عيسى بكار بن أحمد، أحد القرّاء المتقنين ببغداد.
وفي سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة ورد الخبر بأن الروم خرجوا يريدون