جديد وعتيق، وبال وأسمال، واستمر البيع فيها مدة عشر سنين، وانتقلت إلى البلاد بأيدي المسافرين.
وكتب السلطان صلاح الدين إلى وزير بغداد على يد شمس الدين محمد بن المحسن بن الحسين بن أبي المضاء البعلبكي الذي خطب أول شيء بمصر لبني العباس في أول السنة بإنشاء الفاضل كتابًا، فمما فيه:
وقد توالت الفتوح غربًا وشرقًا، ويمنًا وشامًا، وصارت البلاد والشهر بل الدهر حرمًا حراما، وأضحى الدين واحدًا بعدما كان أديانا. والخلافة إذا ذكر بها أهل الخلاف لم يخروا عليها إلا صمًا وعميانا. والبدعة خاشعة، والجمعة جامعة، والمذلة في شيع الضلال شائعة. ذلك أنهم اتخذوا عباد الله من دونه أولياء، وسموا أعداء الله أصفياء. وتقطعوا في أمرهم شيعا، وفرقوا أمر الأمة وكان مجتمعا. وكذبوا بالنار، فعجلت لهم نار الحتوف، ونثرت أقلام الظباء حروف رؤوسهم نثر الأقلام للحروف. ومزقوا كل ممزق، وأخذ منهم كل مخنق. وقطع دابرهم، ووعظ آتيهم غابرهم. ورغمت أنوفهم ومنابرهم، وحقت عليهم الكلمة تشريدًا وقتلا، وتمت كلمة ربك صدقًا وعدلًا، وليس السيف عمن سواهم من الفرنج بصائم، ولا الليل عن السير إليهم بنائم. ولا خفاء عن المجلس الصاحبي أن من شد عقد خلافة، وحل عقد خلاف، وقام بدولة وقعد بأخرى قد عجز عنها الأخلاف والأسلاف، فإنه مفتقر إلى أن يشكر ما نصح، ويقلد ما فتح، ويبلغ ما اقترح، ويقدم حقه ولا يطرح، ويقرب مكانه وإن نزح، وتأتيه التشريفات الشريفة.
إلى أن قال: وقد أنهض لإيصال ملطفاته، وتنجز تشريفاته، خطيب الخطباء بمصر، وهو الذي اختاره لصعود المنبر، وقام بالأمر قيام من بر، واستفتح بلبس السواد الأعظم، الذي جمع الله عليه السواد الأعظم.
وقال ابن أبي طيئ: لما فرغ السلطان من أمر الخطبة أمر بالقبض على القصور بما فيها، فلم يوجد فيها من المال كبير أمر، لأن شاور كان قد ضيعه في إعطائه الفرنج، بل وجد فيها ذخائر جليلة.
ومن عجيب ما وجد فيه قضيب زمرد طوله شبر وشيء في غلظ الإبهام، فأخذه السلطان، وأحضر صائغًا ليقطعه، فأبى الصائغ واستعفى، فرماه السلطان، فانقطع ثلاث قطع، وفرقه