للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خليلي ما أحلى الهوى وأمره وأعلمني بالحلو منه وبالمر بما بيننا من حرمة هل رأيتما أرق من الشكوى وأقسى من الهجر؟ وأفصح من عين المحب بسره ولا سيما إن أطلقت عبرة تجري وله:

نوب الزمان كثيرة وأشدها شمل تحكم فيه يوم فراق يا قلب لم عرضت نفسك للهوى؟ أوما رأيت مصارع العشاق وكان ناصبيا منحرفا عن علي عليه السلام. وقع في الآخر بينه وبين المتوكل لكونه هجاه، فنفاه وكتب إلى ابن طاهر الأمير فصلبه يوما كاملا، ثم أطلقه. فسافر وتنقل إلى الشام، فورد على المستعين كتاب من صاحب البريد بحلب أن علي بن الجهم خرج من حلب إلى العراق، فخرجت عليه وعلى جماعة معه خيل من كلب، فقاتلهم قتالا شديدا دون ماله، فأثخن بالجراح، ولحقه الناس بآخر رمق، فمات في سنة تسع وأربعين.

وكانت بينه وبين أبي تمام الطائي مودة أكيدة. ويقال: كان علي بن الجهم في المحدثين كالنابغة في المتقدمين؛ لأنه اعتذر إلى المتوكل بما لا يقصر عن اعتذارات النابغة إلى النعمان؛ فمن ذلك:

عفا الله عنك أما حرمة تعود بعفوك أن أبعدا ألم تر عبدا عدا طوره ومولى عفا ورشيدا هدا أقلني أقالك من لم يزل يقيك ويصرف عنك الردا وله في حبسه:

قالوا حبست فقلت ليس بضائري حبسي وأي مهند لم يغمد وله وقد عري وصلب أبيات يشبه نفسه فيها بالسيف وقد جرد. وكان يعد من طبقة أبي تمام في الشعراء.

وقد ذكر المسعودي عنه أنه كان يسب أباه الذي سماه عليا بغضا منه لعلي، رضي الله عنه ولا رضي عن باغضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>