للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغارت المياه في أيامه ويبست البساتين وصقعت، وحصل القحط، وبقي الناس في البساتين يستقون بالجرار، وبطلت طواحين كثيرة، وصار نهر ثورا يوم النتوج لا يبلغ طاحونة مقرى. ومات في ولايته عجمي خلف مائة ألف وابنة، فما أعطى البنت فلساً. وأذن الرفيع للنساء بدخول جامع دمشق، وقال: ما هو بأعظم من الحرمين؟ فدخلن وامتلأ بالنساء والرجال ليلة النصف، وتأذى الناس بذلك حتى شكوا إلى السلطان، فمنع النساء منه.

قال أبو المظفر ابن الجوزي: حدثني جماعة أعيان أنه كان فاسد العقيدة، دهرياً، مستهتراً بأمور الشريعة، يجيء إلى صلاة الجمعة سكراناً. وأن داره كانت مثل الحانة، شهد بهذه الأشياء عندي جماعة عدول. وحكى لي جماعة أن الوزير السامري بعث به في الليل من دمشق إلى قلعة بعلبك على بغل بأكاف، فاعتقله واستأصله، ثم بعث به إلى مغارة أفقه في جبل لبنان فأهلكه بها. وبعث إليه عدلين شهدوا عليه ببيع أملاكه. فحدثني أحدهما قال: رأيته وعليه قندورة صغيرة، وعلى رأسه تخفيفة، فبكى وقال: معكم شيء آكل فلي ثلاثة أيام ما أكلت شيئاً. فأطعمناه من زادنا، وشهدنا عليه ببي أملاكه للسامري، ونزلنا من عنده، فبلغنا أنهم جاؤوا إليه، فأيقن بالهلاك وقال: دعوني أصلي ركعتين. فقام يصلي وطول، فرفسه داود من رأس شقيف مطل على نهر إبراهيم، فما وصل إلى القرار إلا وقد تقطع. وحكى لي آخر أن ذيله تعلق بسن الجبل فضربوه بالحجارة حتى مات.

وذكر ناصر الدين محمد ابن المنيطري، عن عبد الخالق رئيس النيرب قال: لما سلم القاضي الرفيع إلى المقدم داود سيف النقمة وإلي أيضاً وصلنا به إلى الشقيف وفيه عين ماء، فقال: علي غسل وأشتهي تمكنوني أغتسل وأصلي. فنزل واغتسل وصلى ودعا، ثم قال: افعلوا ما شئتم. فدفعه داود، فما وصل إلى الوادي إلا وقد تلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>