بالكتاب والسنة، فمثلك لا يكابر بتجريد المعصية، لكن بمثل الإساءة إحسانا، ويشهد له عليها خونة العلماء، فبهذه الحبالة تصيدت الدينا نظراءك، فأحسن الحمل، فقد أحسن من وعظك الآداء.
قيل: قبل رجل يد المهدي وقال: يدك يا أمير المؤمنين أحق بالتقبيل لعلوها بالمكارم، وطهارتها من المآثم، وإنك ليوسفي العفو، إسماعيلي الصدق، شعيبي الرفق، فمن أرادك بسوء جعله الله طريد خوفك، حصيد سيفك، وأثنى عليه بالشجاعة، فقال: وما لي لا أكون شجاعا وما خفت أحدا إلا الله.
وروى ابن أبي الدينا: أن المهدي كتب إلى الأمصار يزجر أن يتكلم أحد من أهل الأهواء في شيء منها.
وعن يوسف الصائغ قال: لما ولي المهدي رفع أهل البدع رؤوسهم، وأخذوا في الجدل، فأمر أن يمنع الناس من الكلام، وأن لا يخاض في شيء منه، فانقمعوا.
وقال داود بن رشيد: سمعت سلما الحاجب يقول: هاجت ريح سوداء، فخفنا أن تكون الساعة، وطلبت المهدي في الإيوان فلم أجده، ثم سمعت حركة في بيت، فإذا هو ساجد على التراب يقول: اللهم لا تشمت بنا أعداءنا من الأمم، ولا تفجع بنا نبينا، اللهم وإن كنت أخذت العامة بذنبي فهذه ناصيتي بيدك، فما أتم كلامه حتى انجلت.
عمر بن شبة، عن الضحاك: أن المهدي قدم البصرة، فكان يصلي بنا، فقام أعرابي فقال: يا أمير المؤمنين، مر المؤذن لا يقيم حتى أتوضأ، فأمر به فتعجبوا من أخلاق المهدي.
قال الأصمعي: سمعت: المهدي على المنبر يقول: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكته فقال: إن الله وملائكته يصلون على النبي.
قال المدائني: دخل رجل على المهدي فقال: إن المنصور شتمني وقذف أمي، فإما أمرتني أن أحلله، وإما عوضتني فاستغفرت له. قال: ولم شتمك؟ قال: شتمت عدوه بحضرته فغضب له، قال: ومن عدوه؟ قال: