ثم عطف إلى البلد الذي يسمى المتعبد وهو مهرة الهند يطالع أبنيتها التي تزعم أهلها أنها من بناء الجن، فرأى ما يخالف العادات، وتفتقر روايتها إلى الشهادات، وهي مشتملة على بيوت أصنام بنقوش مبدعة، وتزاويق تخطف البصر.
قال: وكان فيما كتب به السلطان: أنه لو أراد مُريد أن يبني ما يعادل تلك الأبنية لعجز عنها بإنفاق مائة ألف ألف درهم في مدة مائتي سنة على أيدي عَمَلَة كَمَلَة ومَهَرة سَحرة. وفي جملة الأصنام خمسة من الذهب معمولة طول خمسة أذرُع، عينا واحد منها ياقوتتان قيمتهما خمسون ألف دينار بل أزيد، وعلى آخر ياقوتة زرقاء وزنها أربعمائة وخمسون مثقالا، فكان جملة الذهبيات الموجودة على أحد الأصنام المذكورة ثمانية وتسعين ألف مثقال. ثم أمر السلطان بسائر الأصنام فَضُربَت بالنفط، وحاز من السبايا والنهاب ما تعجز عنه أناملُ الحُساب.
ثم سار قُدُما يروم قنوج وخلف معظم العسكر، فوصل إليها في شعبان سنة تسع، وقد فارقها الملك راجيبال منهزما، فتتبع السلطان قلاعها، وكانت سبعا على البحر، وفيها قريب من عشرة آلاف بيت من الأصنام، يزعم المشركون أنها متوارثة منذ مائتي ألف سنة إلى ثلاثمائة ألف سنة كذبا وزورا، ففتحها كلها في يوم واحد، ثم أباحها لجيشه فانتهبوها.
ثم ركض منها إلى قلعة البراهمة وتعرف بمنج فافتتحها وقتل بها خلقا كثيرا.
ثم افتتح قلعة جنداري، وهي ممن يُضرب المثل بحصانتها. وذكر أبو النصر ذلك مطولا مفصلا بعبارته الرائقة، فأسهب وأطنب. فلقد أقر عين السامع، وسر المسلم بهذا الفتح العظيم الجامع، فلله الحمد على إعلاء كلمة