مثل أعز أولادي، وغير خاف عنك أنني ملكت الصين، وأنت أخبرُ الناس ببلادي، وإنها مثارات العساكر والخيول، ومعادن الذهب والفضة، وفيها كفاية عن طلب غيرها، فإن رأيت أن نعقد بيننا المودة، وتأمر التجار بالسفر لتعم المصلحتين؟ فعلت. فأحضر السلطان خُوارزم شاه محموداً الخوارزمي وقال: أنت منا وإلينا، ولا بد لك من مولاة فينا. ووعده بالإحسان؛ إن صدقهُ، وأعطاه معضدة مجوهرة نفيسة، وشرط عليه أن يكون عيناً له على جنكز خان، فأجابه، ثم قال له: اصدقني، أجنكز خان ملك طمغاج الصين؟ قال: نعم. فقال: ما ترى في المصلحة؟ قال الاتفاق. فأجاب إلى ملتمس جنكز خان. قال فسر جنكز خان بذلك، واستمر الحال على المهادنة إلى أن وصل من بلاده تجارٌ، وكان خال السلطان خوارزم شاه ينوب على بلاد ما وراء النهر، ومعه عشرون ألف فارس، فشرهت نفسه إلى أموال التجار وكاتب السلطان يقول: إن هؤلاء القوم قد جاؤوا بزي التجار، وما قصدهم إلا إفساد الحال وأن يجسوا البلاد، فإن أذنت لي فيهم. فأذن له بالاحتياط عليهم. وقبض عليهم، واصطفى أموالهم. فوردت رسل جنكز خان إلى خوارزم شاه تقول: إنك أعطيت أمانك للتجار، فغدرت، والغدر قبيحٌ، وهو من سلطان الإسلام أقبحٌ، فإن زعمت أن الذي فعلهُ خالك بغير أمرك، فسلمه إلينا، وإلا فسوف تشاهد مني ما تعرفني به. فحصل عند خوارزم شاه من الرعب ما خامر عقلهُ، فتجلد، وأمر بقتل الرسل، فقتلوا، فيا لها حركة لما هدرت من دماء الإسلام؛ أجرت بكل نقطة سيلاً من الدم، ثم إنه اعتمد، من التدبير الرديء لما بلغه سير جنكز خان إليه أنه أمر بعمل سور سمرقند، ثم شحنها بالرجال، فلم تغن شيئاً، وولت سعادته، وقضي الأمر.
قال المؤيد عماد الدين في تاريخه: قال النسوي كاتبُ الإنشاء الذي لخوارزم شاه: مملكة الصين دورها ستة أشهر، وهي ستة أجزاء، كل جزء عليه ملك، ويحكم على الكل الخان الأكبر يقال له الطرخان، وهذا كان معاصر خوارزم شاه محمد، وقد ورث الملك كابراً عن كابر، بل كافراً عن كافر.