جماعة بين الفريقين. ثم آل الأمر إلى أن صيح في الناس: الغزاة الغزاة إلى مكة.
قال ابن الجوزي: فحدثني بعض الحاج أن زرّاقًا ضرب بالنفط دارًا فاشتعلت، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وكانت تلك الدار لأيتام. ثم سوى قارورة نفط ليضرب بها، فجاءه حجر فكسرها، فعادت إليه وأحرقته. وبقي ثلاثة أيام منتفخ الجسد، ورأى بنفسه العجائب، ثم مات.
قال: ثم إن ذلك الأمير الجديد قال: لا أجسر أن أقيم بعد الحاج بمكة. فأمروا غيره.
وفيها كانت وقعة تل السلطان، وحديث ذلك أن عسكر الموصل نكثوا وحنثوا ووافوا تل السلطان بنواحي حلب في جموع كثيرة، وعلى الكل السلطان سيف الدين غازي بن مودود بن زنكي، فالتقاهم السلطان صلاح الدين في جمع قليل، فهزمهم وأسر فيهم، ونهب، وحقن دماءهم. ثم أحضر الأمراء الذين أسرهم فأطلقهم ومنّ عليهم.
قال ابن الأثير: لم يقتل من الفريقين - على كثرتهم - إلا رجل واحد. ووقفت على جريدة العرض، فكان عسكر سيف الدين غازي في هذه الوقعة يزيدون على ستة آلاف فارس، والرجالة أقل من خمسمائة.
قلت: ثم سار صلاح الدين إلى منبج فأخذها، ثم سار إلى عزاز، فنازل القلعة ثمانيةً وثلاثين يومًا، ثم قفز عليه وهو محاصرها قوم من الفداوية، وجرح في فخذه، وأخذوا فقتلوا. ثم افتتح عزاز.
ومن كتاب فاضلي عن صلاح الدين إلى الخليفة يطالع بأن الحلبيين والموصليين لما وضعوا السلاح، وخفضوا الجناح - اقتصرنا بعد أن كانت البلاد في أيدينا على استخدام عسكر الحلبيين في البيكارات إلى الكفر،