الحنابلة إذا قيل لهم: ما الدليل على أن القرآن بحرف وصوت؟ قالوا: قال الله كذا، وقال رسوله كذا، وذكر الشيخ الآيات والأخبار؛ وأنتم إذا قيل لكم: ما الدليل على أن القرآن معنى في النفس؟ قلتم: قال الأخطل: إن الكلام من الفؤاد، أيش هذا، نصراني خبيث بنيتم مذهبكم على بيت شعر من قوله وتركتم الكتاب والسنة!!.
وحدث أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المعدل في تاريخه قال: حكى جماعة من ثقات الدمشقيين أن طائفة من أصحاب الشيخ أبي البيان، بعد وفاته بأربع سنين، اجتمعوا وجمعوا دراهم واتفقوا على أن يبنوا لهم مكانًا يجتمعون فيه للذكر، واشتروا أخصاصًا وبواري ومصاطيج، وشرعوا في حفر الأساس، والفقراء قد فرحوا وهم يعملون، فبلغ ذلك نور الدين، فسير إليهم من يمنعهم، فنزل إليهم الرسول من القلعة، فالتقاه في الطريق الشيخ نصر صاحب أبي البيان، فقال له: أنت رسول محمود بمنع الفقراء من البناء؟ قال: نعم. قال: ارجع إليه وقل بعلامة ما قمت قي جوف الليل وسألت الله في باطنك أن يرزقك ولدًا ذكرًا من فلانة وواقعتها لا تتعرض إلى جماعة الشيخ ولا تمنعهم. فعاد الرسول إلى السلطان وأخبره فقال: والله العظيم ما تفوهت بهذا لمخلوق، ثم أمر بعشرة آلاف درهم ومائة حمل خشب ليبنوا بها. فبنوا الرباط، ووقف عليه مزرعة بجسرين.
هذه حكاية منقطعة لا تصح.
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم الأرموي: أخبرني والدي، عن جدي، عن الشيخ عبد الله البطائحي قال: رأيت الشيخ أبا البيان والشيخ رسلان مجتمعين بجامع دمشق، فسألت الله أن يحجبني عنهما حتى لا يشتغلا بي، وتبعتهما حتى صعدا إلى أعلى مغارة الدم، وقعدا يتحدثان، وإذا بشخص قد أتى كأنه طائر في الهواء، فجلسا بين يديه كالتلميذين، وسألاه عن أشياء من جملتها: على وجه الأرض بلد ما رأيته؟ قال: لا. فقالا: هل رأيت مثل دمشق؟ قال: ما رأيت مثلها. وكانوا يخاطبونه يا أبا العباس، فعلمت أنه الخضر عليه السلام.
فقلت: إن صحت هذه الحكاية عن عبد الله البطائحي فهو ظن من الشيخ