فنهبها، وأقام بها الدعوة للراشد بالله، وضرب السكة له، واستحوذت العربُ على الشام من الفَرَما إلى طبرية، وحاصروا الحصون، ولم يحج ركْب من العراق.
وفيها توفي عميد الجيوش أبو علي الحُسين بن أبي جعفر عن إحدى وخمسين سنة، وكان أبوه من حُجاب الملك عضد الدولة، فجعل أبا علي برسم خدمة ابنه صمصام الدولة، فخدمه وخدم بعده بهاء الدولة، ثم ولاه بهاء الدولة تدبير العراق، فقدِم في سنة اثنتين وتسعين، والفِتَن شديدة واللصوص قد انتشروا ففتك بهم، ثم غرق طائفة، وأبطل ما تعمله الشيعة يوم عاشوراء وقيل: إنه أعطى غلاما له دنانير في صينية، وقال: خذها على يدك وقال: سر من النجمي إلى المأصر الأعلى، فإن عرض لك معترض فدعْه يأخذها، واعرف الموضع. فجاء نصف الليل فقال: قد مشيتُ البلدَ كله، فلم يلْقني أحد. ودخل مرة عليه الرُّخَّجي، وأحضر مالا كثيرا، وقال: مات نصراني مصري ولا وارث له. فقال: يترك هذا المال، فإن حضر وارث وإلا أخذ. فقال الرُّخَّجي: فيحمل إلى خزانة مولانا إلى أن يتيقن الحال، فقال: لا يجوز ذلك. ثم جاء أخو الميت فأخذ التركة.
وكان مع هيبته الشديدة عادلا، ولي العراق ثماني سنين وسبعة أشهر. وتولى الشريف الرضي أمره ودفنه بمقابر قُرَيْش. وولي بعده العراق فخر الملك. وفيه يقول الببغاء الشاعر:
سألتُ زماني: بمن أستغيث؟ فقال: استغِثْ بعميد الجيوشِ فناديتُ: ما لي من حِرْفة فجاوب حُوشِيت من ذا وحوشي رجاؤك إيُّاه يُدْنيك منه ولو كنتَ بالصين أو بالعريشِ نَبَتْ بي داري وفر العبيد وأودت ثيابي وبعت فروشي