وكنتُ أُلَقَّبُ بالببغاء قديما وقد مزق الدهرُ ريشي وكان غذائي نقي الأرز فها أنا مقتنعٌ بالحشيش
وفيها كان القحط الشديد بخراسان لا سيما بَنْيسابور، فهلك بنَيْسابور وضواحيها مائة ألف أو يزيدون، وعجزوا عن غسل الأموات وتكفينهم، وأُكِلَتْ الجيف والأرواث ولحوم الآدميين أكْلا ذريعا، وقبض على أقوام بلا عدد كانوا يغتالون بني آدم ويأكلونهم، وفي ذلك يقول أبو نصر الراهبي:
قد أصبح الناسُ في بلاء وفي غلاء تداولوه من يلزم البيت مات جوعا أو يشهد الناس يأكلوه
وقد أنفق محمود بن سُبُكْتكين في هذا القحط أموالا لا تحصى حتى أحيا الناس، وجاء الغيث.
وفيها وقبلها جرت بالأندلس فتنة عظيمة، وبُذِلَ السيف بقُرْطُبة، وقُتل خلقٌ كثير وتَمَّ ما لا يعبرَّ عنه، سُقناه في تراجم الأمراء.
[سنة اثنتين وأربعمائة]
أذِنَ فخرُ المُلْك أبو غالب بن حامد الوزير الذي قُلِّد العراق عام أول في عمل عاشوراء والنَّوْح.
وفي ربيع الآخر كُتِبَ من الديوان محضر في معنى الخلفاء الذين بمصر والقدح في أنسابهم وعقائدهم، وقُرِئت النسخةُ ببغداد، وأُخِذَت فيها خطوط القُضاة والأئمة والأشراف بما عندهم من العِلْم والمعرفة بنسَب الدَيْصَانية، وهم منسوبون إلى دَيْصَان بن سعيد الخُرّميّ، إخوان الكافرين، ونُطَف الشياطين، شهادةً يُتقرَّبُ بها إلى الله، ومعتقد ما أوجب الله على العلماء أن يبينوه للناس، شهدوا جميعا: إن الناجم بمصر وهو منصور بن نزار الملقب بالحاكم - حكم الله عليه بالبوار والخزْي والنكال - ابن مَعَد بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن سعيد - لا أسعده الله - فإنه لما صار سعيد إلى الغرب تسمى بُعبَيْد الله وتلقب بالمهدي، وهو ومن تقدم من سلفه الأرجاس الأنجاس - عليه وعليهم اللعنة - أدعياء خوارج لا نسب لهم في ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأن ذلك باطل وزور، وأنتم لا تعلمون أن أحدا من الطالبيين توقف عن إطلاق القول في هؤلاء الخوارج أنهم أدعياء. وقد كان هذا الإنكار شائعا بالحَرَمَيْن، وفي أول