وفعل مثل ذلك بمصر، وكان إذا ذكر قاموا وسجدوا في السوق، وفي مواضع الاجتماع، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فلقد كان هؤلاء العبيديون شرا على الإسلام وأهله من التتر.
سنة سبع وتسعين وثلاثمائة.
فيها خروج أبي ركوة الأموي من ولد هشام بن عبد الملك، واسمه الوليد، وكان يحمل ركوة في السفر، ويتزهد، وقد لقي المشايخ، وكتب الحديث بمصر، وحج، ودخل اليمن والشام، وكان في خلال أسفاره يدعو إلى القائم من ولد هشام بن عبد الملك، ويأخذ البيعة على من ينقاد له، ثم جلس معلما، واجتمع عنده أولاد العرب، فدعاهم فوافقوه، وأسر إليهم أنه هو الإمام، ولقب نفسه بالثائر بأمر الله المنتصر من أعداء الله، فعرف بهذا بعض الولاة، فكتب إلى الحاكم بأن يأذن له في طلبه قبل أن تقوى شوكته، فأمره باطراح الأمر والفكر فيه، لئلا يجعل له سوقا، وينبه عليه، وكان يخبرهم عن المغيبات، ثم حاربه ذلك الوالي في عسكره، فظفر أبو ركوة بهم، وأخذ أسلابهم، فأضاءت حالته ونزل برقة، فجمع له أهلها مائتي ألف دينار، وأخذ من يهودي مائتي ألف دينار، ونقش السكة باسمه، وخطب الناس ولعن الحاكم وشتمه، فحشد له الحاكم وجهز لقتاله ستة عشر ألفا، عليهم الفضل بن عبد الله، وأنفق فيهم ذهبا عظيما، فلما قارب تلقاه أبو ركوة، فرام مناجزته، والفضل يراوغ، فقال أصحاب أبي ركوة: قد بذلنا نفوسنا دونك، ولم يبق فينا فضل لمعاودة حرب، ونحن مطلوبون لأجلك، فخذ لنفسك، وانظر أي بلد شئت لنحملك إليه، فذهب إلى بلد النوبة لأنه كان مهادنه، فبعث الفضل في طلبه عسكرا، فأدركوه، فأسلمه أصحابه، فحمل إلى الحاكم. فأركب جملا وطيف به، ثم قتل.
وبالغ الحاكم في إكرام الفضل وإعطائه الإقطاع، ومرض فعاده دفعتين، ثم فلما عوفي قتله.
وفيها ورد كتاب من بهاء الدولة بتقليد الشريف أبي الحسن محمد بن أبي أحمد الحسين بن موسى العلوي الحسيني النقابة والحج، وتلقيبه