الفرنج في سبعمائة فارس، سوى الرجالة إلى ناحية بانياس، فوقع عليهم عسكر الإسلام ونزل النصر، فلم ينج من الملاعين إلا القليل، وصاروا بين أسير وجريح وقتيل، وذلك في ربيع الأول. وجاءت الرؤوس والأسرى، وكان يومًا مشهودًا.
ثم تهيأ نور الدين للجهاد، وجاءته الأمداد، ونودي في دمشق بالتأهب والحث على الجهاد، فتبعه خلق كثير من الأحداث والفقهاء والصلحاء، ونازل بانياس، وجد في حصارها، فافتتحها بالسيف، ثم إن الفرنج تحزبوا وأقبلوا لينصروا هنفري صاحب بانياس وهو بالقلعة، فوصل ملك الفرنج بجموعه على حين غفلة، فاندفع جيش الإسلام، ووصلوا هم إلى بانياس، فحين شاهدوا ما عمها من خراب سورها ودورها يئسوا منها.
ثم إن الملك نور الدين عرف أن الفرنج على الملاحة بقرب طبرية، فنهض بجيوشه، وجد في السير، فشارفهم وهم غارون، وأظلتهم عصائبه، فبادروا الخيل، وافترقوا أربع فرق، وحملوا على المسلمين، فترجل نور الدين، وترجلت معه الأبطال، ورموا بالسهام، ونزل النصر، ووقع القتل والأسر في الكفرة.
قال أبو يعلى: فلم يفلت منهم، على ما حكاه الخبير الصادق، غير عشرة نفر، قيل إن ملكهم فيهم، وقيل قتل. ولم يفقد من المسلمين الأجناد سوى رجلين، أحدهما من الأبطال قتل أربعة من شجعان الفرنج واستشهد. وفرح المسلمون بهذا النصر العزيز، وجيء بالرؤوس والأسرى إلى دمشق، والخيالة على الجمال، والمقدمون على الخيل بالزرديات والخوذ، وفي أيديهم أعلامهم. وضج الخلق بالدعاء لنور الدين.
وفيها جاءت عدة زلازل عظيمة بالشام.
ثم جاءت الأخبار بوصول ولد السلطان مسعود للنزول على أنطاكية، فاضطر نور الدين إلى مهادنة الفرنج، ثم توجه إلى حلب.
وجاءت الأخبار من الشمال بما يرعب النفوس من شأن الزلزلة، بحيث انهدمت حماة وقلعتها ودورها على أهلها ولم ينج إلا اليسير. وأما شيزر