وقال الحافظ عبد العظيم: مولده في صفر سنة ثمانٍ وثمانين، وتوفي في العشرين من جمادى الأولى.
قال: وكان راغباً في فعل الخير، مجتهداً في تكثير أعمال البر. وله في ذلك آثار جميلةٌ كثيرة، وأنشأ المدرسة المعروفة به، ورتب فيها من الأمور الدالة على تفقده لأحوال أهل العلم وكثرة فكرته فيما يقضي براحتهم وإزاحة عللهم ما هو معروفٌ لمن شاهده وسمع به.
وأنبأني ابن البزوري أنه توفي يوم الجمعة عاشر جمادى الآخرة، وكذا قال ابن النجار في تاريخه، وغيره. وهو الصحيح. وقول المنذري وهم.
قال ابن البزوري: توفي بكرةً عن إحدى وخمسين سنة وأربعة أشهر وسبعة أيام. وكتم يومئذٍ موته فخطبوا له يومئذٍ، فحضر شرف الدين إقبال الشرابي ومعه جمعٌ من الخدم إلى التاج الشريف، وحضروا بين يدي ولده أبي أحمد عبد الله، فسلم عليه إقبال بإمرة المؤمنين، واستدعاه إلى سدة الخلافة.
ثم عرف الوزير، وأستاذ الدار ذلك، واستكتماه إلى الليل. ثم استدعي الوزير، فجاء من باب السر الذي بدار الأمير علاء الدين الدويدار المقابل لداره، واستدعي - وهو عاجزٌ - في محفةٍ، وأحضر أيضاً مؤيد الدين محمد ابن العلقمي أستاذ دار. فمثلا بين يدي السدة، فقبلا الأرض وهنآه بالخلافة، وعزياه بالمستنصر وبايعاه.
وأحضر جماعة من الأسرة الشريفة من أعمامه وأولاد الخلفاء، ثم خرج الوزير وسلم إلى الزعماء والولاة محال بغداد، وأمر أن لا ير ب أحد من الأمراء من داره. وفي بكرة السبت رأى الناس أبواب الخلافة مغلقةً، وجلس عبد اللطيف بن عبد الوهاب الواعظ وأخبر بوفاة الخليفة وجلوس ولده المستعصم بالله، ومولده سنة تسعٍ وستمائة.
ثم لما ارتفع النهار استدعي الأعيان للبيعة وجلس الوزير لعجزه، ودونه بمرقاة أستاذ الدار، وكان يأخذ البيعة على الناس، وصورتها: أبايع سيدنا ومولانا أمير المؤمنين على كتاب الله وسنة رسوله واجتهاد رأيه الشريف وأن لا خليفة