٤٦ - أحمد المعتضد بالله أمير المؤمنين أبو العبا ابن ولي العهد أبي أحمد طلحة الموفق بالله ابن المتوكل على الله جعفر ابن المعتصم ابن الرشيد الهاشمي العباسي.
ولد في ذي القعدة سنة اثنتين وأربعين ومائتين في دولة جده. وقدم دمشق سنة إحدى وسبعين لحرب خمارويه الطولوني؛ فالتقوا على حمص، فهزمهم أبو العباس. ثم دخل دمشق ومر بباب البريد، فالتفت فوقف ينظر إلى الجامع، فقال: أي شيء هذا؟ قالوا: الجامع. ثم نزل بظاهر دمشق بمحلة الراهب أياماً، وسار فالتقى خمارويه عند الرملة.
واستخلف بعد عمه المعتمد في رجب سنة تسع وسبعين وكان ملكاً شجاعاً مهيباً، أسمر نحيفاً، معتدل الخلق، ظاهر الجبروت، وافر العقل، شديد الوطأة، من أفراد خلفاء بني العباس. كان يقدم على الأسد وحده لشجاعته.
قال المسعودي: كان المعتضد قليل الرحمة؛ قيل إنه كان إذا غضب على قائد أمر بأن يحفر له حفيرة ويلقى فيها، ويطم عليه. قال: وكان ذا سياسة عظيمة.
وعن عبد الله بن حمدون أن المعتضد تصيد فنزل إلى جانب مقثأة وأنا معه. فصاح الناطور، فقال: علي به. فأحضر فسأله، فقال: ثلاثة غلمان نزلوا المقثأة فأخربوها. فجيء بهم فضربت أعناقهم في المقثأة من الغد. فكلمني بعد مدة، وقال: اصدقني فيما ينكر علي الناس؟ قلت: الدماء. قال: والله ما سفكت دماً حراماً منذ وليت. قلت: فلم قتلت أحمد بن الطيب؟ قال: دعاني إلى الإلحاد. قلت: فالثلاثة الذين نزلوا المقثأة؟ قال: والله ما قتلتهم، وإنما