وقال أبو صالح كاتب الليث: حدثني حرملة بن عمران، عن كعب بن علقمة، قال: قدم مروان مصر ومعه الحجاج بن يوسف وأبوه، فبينا هو في المسجد مر بهم سليم بن عتر، وكان قاص الجند، وكان خيارا، فقال الحجاج: لو أجد هذا خلف حائط المسجد ولي عليه سلطانٌ لضربت عنقه، إن هذا وأصحابه يثبطون عن طاعة الولاة، فشتمه والده ولعنه وقال: ألم تسمع القوم يذكرون عنه خيرا، ثم تقول هذا؟ أما والله إن رأيي فيك أنك لا تموت إلا جبارا شقيا. وكان أبو الحجاج فاضلا.
وعن يزيد بن أبي مسلم الثقفي قال: كان الحجاج على مكة، فكتب إليه عبد الملك بولايته على العراق، فخرج في نفرٍ ثمانية أو تسعة على النجائب.
قال عبد الله بن شوذب: ما رؤي مثل الحجاج لمن أطاعه، ولا مثله لمن عصاه.
وروى ابن الكلبي، عن عوانة بن الحكم قال: سمع الحجاج تكبيرا في السوق وهو في الصلاة، فلما انصرف صعد المنبر وقال: يا أهل العراق، وأهل الشقاق والنفاق، ومساوئ الأخلاق، قد سمعت تكبيرا ليس بالتكبير الذي يراد به الله في الترهيب، ولكنه الذي يراد به الترغيب، إنها عجاجةٌ تحتها قصفٌ، أي بني اللكيعة، وعبيد العصا، وأولاد الإماء، ألا يرقأ الرجل منكم على ضلعه، ويحسن حمل رأسه، وحقن دمه، ويبصر موضع قدمه، والله ما أرى الأمور تنفل بي وبكم حتى أوقع بكم وقعة تكون نكالا لما قبلها، وتأديبا لما بعدها.
وقال سيار أبو الحكم: سمعت الحجاج على المنبر يقول: أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، رجل خطم نفسه وزمها، فقادها بخطامها إلى طاعة الله، وعنجها بزمامها عن معاصي الله.