حَتَّى إذا أبصروا كتائبَه … حاروا فَمَا أقدموا ولا انهزموا
وقد تلقاهم بمرهفةٍ … ما برحت من غمودها القممُ
فناشدوهُ الأمانَ والتزموا … لأمره الطاعَة التي التزموا
وردَّ عَنْهُمْ عقابَه ملكٌ … شِيمتُه العفْو حين يحتكمُ
للَّه دَرّ النّفوس هاديةً … إذا أناسٌ عَنِ الرشاد عًمُوا
هُوَ الدّواء الَّذِي تزول بِهِ … عَنِ القلوب الشكوك والتهمُ
ما ابتسمت والخطوب مظلمة … إلا انْجلَتْ بابتسامتها الظلمُ
يسمع إنشادها إذا ارْتَحَلَتْ … غرائبُ الموت مَنْ بِهِ صَمَمُ
وَلَهُ:
يزهدني فِي جُمَيْع الأنام … قلةُ إنصافِ مَن يُصحبُ
وهل عرف النّاس ذو نُهية … فأمسى لهم فيهمُ مأربُ
هم الناس ما لم تجربهمُ … وطُلسُ الذئاب إذا جُربوا
ولَيْتَكَ تَسْلَمُ عِنْد البعادِ … منهم فكيف إذا قُربوا؟
أنْشَدنا مُحَمَّد بن علي الواسطي، قال: أنشدنا عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: أنشدنا نصر بْن مَنْصُور لنفسه:
أُحب عليًّا والبَتُولَ ووُلْدَها … ولا أجحد الشَّيخيْن حقَّ التقدمِ
وأبرأُ مِمَّنْ نال عُثْمَانَ بالأَذَى … كَمَا أتبرأ من ولاء ابنِ مُلجمِ
ويُعجبني أهلُ الحديثِ لصِدْقِهم … مَدَى الدَّهر فِي أفعالهم والتكلمِ
تُوُفّي ﵀ فِي ربيع الآخر، وَلَهُ ثمانٌ وثمانون سنة (١).
٣٢٢ - نصر بن أبي منصور المؤدب، المعروف بالحكم الشاعر.
توفي في هذه السنة أيضًا.
وقد روى عنه من شعره ابن الدبيثي هذين البيتين:
ولما رأى وردًا بخديه يُجتنى … ويقطفُ أحيانًا بغير اختياره
أقام عليه حارسًا من جفونه … وسل عليه مرهفًا من عِذاره
(١) ينظر المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي ٣/ ٢١٣، وتكملة المنذري ١/ الترجمة ١٦٦.