على المأمون بالرقة وقد ضرب رقبة رجلٍ وهو مطروحٌ بين يديه، فأوقفا أبا مسهر في الحال، فامتحنه فلم يجبه، فأمر به، فوضع في النطع لتضرب رقبته، فأجاب إلى خلق القرآن، فأخرج من النطع، فرجع عن قوله، فأعيد إلى النطع، فأجاب، فأمر به أن يوجه إلى بغداد، ولم يثق بقوله، فأحدر وأقام عند إسحاق بن إبراهيم، يعني متولي بغداد، أياما لا تبلغ مائة يوم، ومات.
قال الحسن بن حامد: فحدثني عبد الرحمن، عن رجل من إخواننا يكنى أبا بكر أن أبا مسهر أقيم ببغداد ليقول قولا يبرئ فيه نفسه عن المحنة، ويقى المكروه، فبلغني أنه قال في ذلك الموقف: جزى الله أمير المؤمنين خيرا، علمنا ما لم نكن نعلم، وعلم علما لم يعلمه من كان قبله. وقال: قل القرآن مخلوق وإلا ضربت عنقك، ألا فهو مخلوق، هو مخلوق، قال: فأرجو أن تكون له في هذه المقالة نجاة.
وقال الصولي: حدثنا عون بن محمد، عن أبيه قال: قال إسحاق بن إبراهيم: لما صار المأمون إلى دمشق ذكروا له أبا مسهر، ووصفوه بالعلم والفقه، فأحضره فقال: ما تقول في القرآن؟ قال: كما قال الله: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ}
قال: أمخلوق أو غير مخلوق؟ قال: ما يقول أمير المؤمنين؟ قال: مخلوق، قال: بخبرٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة، أو التابعين؟ قال: بالنظر. واحتج عليه، قال: يا أمير المؤمنين، نحن مع الجمهور الأعظم، أقول بقولهم، والقرآن كلام الله غير مخلوق، قال: يا شيخ أخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم هل اختتن؟ قال: ما سمعت في هذا شيئا، قال: فأخبرني عنه أكان يشهد إذا زوج أو تزوج؟ قال: ولا أدري، قال: اخرج قبحك الله، وقبح من قلدك دينه، وجعلك قدوة.
قال أبو حاتم الرازي: ما رأيت أحدا في كورة من الكور أعظم قدرا ولا أجل عند أهلها من أبي مسهر بدمشق، وكنت أرى أبا مسهر إذا خرج إلى المسجد اصطفت الناس يسلمون عليه ويقبلون يده.
قال أحمد بن علي بن الحسن البصري: سمعت أبا داود سليمان بن