من الناس، وسلِّم على الوزير، قال: ففعلت وانصرفت مَدهوشًا.
وقال أبو بكر عبد الله بن نصر الهاشمي: حدثني أبو العباس أحمد بن المبارك المُرَقَّعاتي، قال: صحبت الشيخ عبد القادر.
وقال صاحب مرآة الزمان: كان سكوت الشيخ عبد القادر أكثر من كلامه، وكان يتكلم على الخواطر، فظهر له صيت عظيم، وقبول تام، وما كان يخرج من مدرسته إلا يوم الجمعة، أو إلى الرباط، وتاب على يده معظم أهل بغداد، وأسلم معظم اليهود والنصارى، وما كان أحد يراه إلا في أوقات الصلاة، وكان يصدع بالحق على المنبر، وينكر على من يولي الظلمة على الناس، ولما ولَّى المقتفي القاضي ابن المرخم الظالم، قال على المنبر: وليت على المسلمين أظلم الظالمين، ما جوابك غدا عند رب العالمين؟ وكان له كرامات ظاهرة، لقد أدركت جماعة من مشايخنا يحكون منها جملة؛ حكى لي خالي لأمي خاصبك، قال: كان الشيخ عبد القادر يجلس يوم الأحد، فبت مهتما بحضور مجلسه، فاتفق أنني احتلمت، وكانت ليلة باردة، فقلت: ما أفوت مجلسه، وإذا انقضى المجلس اغتسلت، وجئت إلى المدرسة والشيخ على المنبر، فساعة وقعت عينه علي قال: يا زبير، تحضر مجلسنا وأنت جنب وتحتج بالبرد!
وحكى لي مظفر الحربي، رجل صالح، قال: كنت أنام في مدرسة الشيخ عبد القادر لأجل المجلس، فمضيت ليلة وصعدت على سطوح المدرسة، وكان الحر شديدا، فاشتهيت الرطب وقلت: يا إلهي وسيدي، ولو أنها خمس رطبات، قال: وكان للشيخ باب صغير في السطح، ففتح الباب وخرج، وبيده خمس رطبات، وصاح: يا مظفر، وما يعرفني، تعال خذ ما طلبت، قال: ومن هذا شيء كثير، قال: وكان ابن يونس وزير الإمام الناصر قد قصد أولاد الشيخ عبد القادر، وبدد شملهم، وفعل في حقهم كل قبيح، ونفاهم إلى واسط، فبدد الله شمل ابن يونس ومزقه، ومات أقبح موتة.