قيصر المَوْصلي، والخانقاه التي فيها زين الدّين الصّوفي، وكنيسة اليهود، فنجا من القتل في هذه الأماكن أكثُر من خمسين ألفًا، واستتر أيضًا جمْعٌ كثير، وقُتل أممٌ لا يحصيهم إلا الله. وبقي القتل والأسر والحريق والبلاء إلى يوم الجمعة الرابع عشر من صفر، ثم نودي برفع السيف، وأذّن المؤذّنون يومئذ بالجامع، وأُقيمت الخطبة والصلاة، ثمّ أحاطوا بالقلعة وحاصروها، وبها الملك المعظم.
ووصل الخبر بأخذ حلب إلى دمشق يوم السّبت فهرب الملك الناصر من دمشق وزال ملكه، وكانت رسُلُ التّتار يومئذ بحرسْتا فدخلوا دمشق، وقُرئ فرمان الملك بأمان أهل دمشق وما حولها، ووصل نائب هولاكو على دمشق في ربيع الأوّل فلقيه كبراء البلد بأحسن ملْقى، وقُرئ الفَرَمان، وجاءت التّتار من جهة الغوطة مارّين من شرقها إلى الكسْوة، وبعد أيّام وصل منشور من هلاوون للقاضي كمال الدّين عمر التَّفْليسيّ بقضاء الشّام، وماردين، والموصل، وبنظر الأوقاف والجامع، وكان نائبًا للقاضي صدر الدّين ابن سنيّ الدّولة.
وأمّا حماة فكان صاحبها المنصور قد تقهقر إلى دمشق فنزل بَرزة، فجاء إلى حماة بطاقة برواح حلب، فوقع في البلد خَبْطةٌ عظيمة، وخرج أهلها على وجوههم، وسافر بهم الطّواشيّ مرشد، ثمّ بقي بها آحاد من الأعيان، فتوجهوا إلى حلب بمفاتيح البلد، وطلبوا عطف هولاكو عليهم وأن يُنْفذ إليهم شِحنة، فسيَّر إليهم خُسْرُوشاه، رجلٌ أعجمي، فقدمها وآمن الرعية، وكان بقلعتها الأمير مجاهد الدّين قيْماز، فدخل في طاعته، وسار الملك النّاصر ومعه صاحب حماة والأمراء إلى نحو غزّة، ثمّ سار إلى قَطية، فتقدم صاحب حماة بجمهرة العساكر والجُفّال ودخل مصر، وبقي النّاصر في عسكر قليل، منهم أخوه الملك الظّاهر، والملك الصّالح ابن صاحب حمص، والأمير شهاب الدّين القَيْمُريّ، فتوجّهوا إلى تيه بني إسرائيل، وخاف من المصريّين.
ووصلت عساكر التتار إلى غزة واستولوا على الشام إلا المعاقل والحصون، فإن بعضها لم يستولوا عليه. وحاصروا قلعة حلب أياما، واستعانوا بمن بقي من أهل البلد يتترسون بهم، ثم تسلموها بالأمان.
وأمّا قلعة دمشق فشرعوا في حصارها وبها الأمير بدر الدّين محمد بن