قصره خمسمائة حرّةٍ من بنات النّاس للفراش. ثمّ سلّمت القلعة في صفر، وعاد الأشرف إلى دمشق.
قال أبو شامة: سمعت الصّاحب بدر الدّين جعفراً الآمديّ يحكي عن عظمة يوم دخول الكامل إلى آمد شيئاً ما نحسن نعبّر عنه، قال: وأخذ جميع رؤساء آمد إلى مصر، فكنت أنا؛ وابن أختي الشّمس، وأخي الموفّق فيهم. فلمّا وصلنا الفرات قال أخي: اسمعوا منّي، لا شكّ أنا نعبر إلى بلادٍ ليس فيها أحدٌ يعرفنا، ولا يعضدنا، ولا معنا مال نتّجر فيه، فعاهدوني على أداء الأمانة في خدمنا، فعاهدناه، فرزقنا الله بالأمانة أنّا خدمنا في أجلّ المناصب بمصر والشّام، ورأيت جماعةً ممّن كانوا أكبر منّا ببلدنا في مصر، يستعطون بالأوراق. وافتقر أهل آمد، وتمزّقوا.
ونقل الصّلاح الإربلّيّ في أمر الملك المسعود أنّه كثرت عنه الأقاويل، واشتهر أنّ عينه كانت ممتدةً إلى حرم رعيّته، فوكّل نساءً يطفن في آمد، ويكشفن عن كلّ مليحة، فإذا تحقّق ذلك سيّر من يحضرها قهراً، ويخلو بها الأيّام ويردّها. وكان ظالماً. ولمّا كلموه في تسليم بلاده، وأنّ الكامل يعطيه خبزاً جليلاً بمصر، قال: بشرط أن لا يحجر عليّ، فإنّي ما أصبر عن المغاني والنّساء. فلمّا أدّى الصّلاح الرسالة إلى الكامل، تضاحكوا، وعمل الصلاح؛ وكان شاعراً:
ولمّا أخذنا آمداً بسيوفنا ولم يبق للمخذول صاحبها حسّ غدا طالباً منّا أماناً مؤكّداً وقال مناي ما تطيب به النّفس سلامة أيري ثمّ كسّ أنيكه فقلنا له خذ ما تمنّيت يا نحس ثمّ سلّم الكامل جميع ذلك لولده الصّالح نجم الدّين أيّوب.
وتوجّه القاضي الأشرف أحمد ابن القاضي الفاضل رسولاً من الكامل، ثمّ عاد مع رسول الخلافة الصّاحب محييّ الدّين ابن الجوزيّ إلى الكامل، ومعه تقليدٌ من المستنصر بالله بسلطنة الكامل، من إنشاء الوزير أبي الأزهر أحمد ابن النّاقد، وبخطّ العدل ناصر بن رشيد، وفي أعلاه بخطّ الوزير: للآراء المقدّسة زادها الله جلالاً وتعظيماً مزيد شرفها في تتويجه، وتحت البسملة علامة المستنصر بخطّه: الله القاهر فوق عباده، وأوّله خطبة وإسراف