مسعود، وجاء السلطان داود بن محمود فنزل بالمزرفة، ثم دخل دار المملكة، وأظهر العدل، وجاء إليه أرباب الدولة ومعهم تقدمة من الراشد، فقام ثلاث مرات، يقبل الأرض، وجاء صدقة ولد دبيس ابن خمس عشرة سنة وقبل الأرض بإزاء التاج وقال: أنا العبد ابن العبد جئت طائعًا، وقطعت خطبة مسعود، وخطب لداود.
وقبض على إقبال الخادم ونهب ماله، فتألم العسكر من الخليفة لذلك، ونفذ زنكي يقول: هذا جاء معي، ويعتب ويقول: لا بد من الإفراج عنه، ووافقه على ذلك البازدار، وغضب كجبة ومضى إلى زنكي، فرتب مكانه غيره، واستشعر العسكر كلهم وخافوا، وجاء أصحاب البازدار وزنكي فخربوا عقد السور، فشاش البلد، وأشرف على النهب، وجاء زنكي فضرب بإزاء التاج، وسأل في إقبال سؤالًا تحته إلزام، فأطلق له.
وأما السلطان مسعود فإنه أفرج عن الوزير ابن طراد، وقاضي القضاة والنقيب وسديد الدولة ابن الأنباري، فأما نقيب الطالبيين أبو الحسن بن المعمر فتوفي حين أخرج، وأما القاضي الزينبي فدخل بغداد سرًا، وأقام الباقون مع مسعود.
وقبض الراشد على أستاذ داره أبي عبد الله بن جهير، فخاف الناس من الراشد وهابوه.
ثم نفذ زنكي إلى الراشد يقول: أريد المال الذي أخذ من إقبال، وهو دخل الحلة، وذلك مال السلطان، وتردد القول في ذلك، ثم نفذ الراشد إلى الوزير ابن صدقة وصاحب الديوان يقول: ما الذي أقعدكما؟ وكانا قد تأخرا أيامًا عن الخدمة خوفًا من الراشد، فقال ابن صدقة: كلما أشير به يفعل ضده، وقد كان هذا الخادم إقبال بإزاء جميع العسكر، وأشرت بأن لا يمسك، فما سمع مني، وأنا لا أوثر أن تتغير الدولة وينسب إلي، فإن هذا ابن الهاروني الملعون قصده إساءة السمعة وإهلاك المسلمين، فقبض الخليفة على ابن الهاروني في ربيع الأول، فجاءت رسالة زنكي يشكو ما لقي من ابن الهاروني وتأثيراته في المكوس والمواصير، ويسأل تسليمه إلى المملوك ليقتله، فقال: ندبر ذلك، ثم أمر الوالي بقتله فقتله، وصلب ومثل به العوام، فسرقه أهله بالليل، وعفوا أثره، وظهر له أموال، ووصل إلى الخليفة من ماله مائتا ألف، وأقطعت أملاك الوكلاء، وسببه أن زنكي طلب من الخليفة مالًا يجهز به العسكر لينحدروا إلى