أبو الحسن الشيرازي إمام الدنيا وزاهدها، وفارس المناظرة وواحدها، يعلمني المناظرة، وانتفعت بمصنفاته، ثم ذكر جماعة من شيوخه.
قال: وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء، وكان ذلك يحرمني علمًا نافعًا، وأقبل علي أبو منصور بن يوسف، وقدمني على الفتاوى، وأجلسني في حلقة البرامكة بجامع المنصور لما مات شيخي سنة ثمان وخمسين، وقام بكل مؤونتي وتجملي، وأما أهل بيتي فإن بيت أبي كلهم أرباب أقلام وكتابة وأدب، وعانيت من الفقر والنسخ بالأجرة شدة، مع عفة وتقى، ولا أزاحم فقيهًا في حلقة، ولا تطلب نفسي رتبة من رتب أهل العلم القاطعة عن الفائدة، وأوذيت من أصحابي حتى طلب الدم، وأوذيت في دولة النظام بالطلب والحبس.
وقال ابن الأثير في تاريخه: كان قد اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته على أبي علي بن الوليد، فأراد الحنابلة قتله، فاستجار بباب المراتب عدة سنين، ثم أظهر التوبة.
قال ابن الجوزي: وتكلم على المنبر بلسان الوعظ مدة، فلما كانت سنة خمس وسبعين، وجرت الفتنة ترك الوعظ.
وذكر سبط الجوزي في ترجمة ابن عقيل حكايات، ثم قال: ومنها ما حكاه ابن عقيل عن نفسه، قال: حججت، فالتقطت عقد لؤلؤ منظوم في خيط أحمر، فإذا بشيخ أعمى ينشده، ويبذل لملتقطه مائة دينار، فرددته عليه، فقال: خذ الدنانير، فامتنعت. قال: وخرجت إلى الشام، وزرت القدس، ونزلت إلى دمشق، وقصدت بغداد، وكانت أمي باقية، فاجتزت بحلب، وأويت إلى مسجد وأنا جائع بردان، فقدموني فصليت بهم، فعشوني، وكانت ليلة رمضان، وقالوا: إمامنا توفي من أيام، ونسألك أن تصلي بنا هذا الشهر، ففعلت، فقالوا: لإمامنا الميت بنت، فتزوجت بها، فأقمت معها سنة، وولد لي منها ولد، ثم مرضت في نفاسها، فتأملتها ذات يوم، وإذا بخيط أحمر في