قتلني الله إن لم أقتلك، وحمل عليهم حتى خالطهم، فقام إليه يحيى بن عبد الله، وأخوه إدريس، فضربه يحيى فقطع أنفه، فدخل الدم في عينيه، فجعل يذب عن نفسه بالسيف وهو لا يبصر، فاستدار له إدريس فضربه فصرعه، ثم جرد وسحب إلى البلاط، وانهزم عسكره، قال عبد الله بن محمد: هذا كله بعيني، وجرح يحيى، وشدوا على المسودة، وبينهم الحسن بن جعفر، فصاح الحسين: ارفقوا - ويلكم - بالشيخ، ثم انتهبوا بيت المال.
وكان المنصور قد أضعف أمر المدينة إلى الغاية، وأخلاها من السلاح والمال، قال: فوجدوا في بيت المال بضعة عشر ألف دينار ليس إلا، وقيل: وجدوا سبعين ألف دينار، وأغلق الرعية أبوابهم، فلما كان من الغد تهيأ الجمعان للحرب، فالتقوا وكثر الجراح، ودام القتال إلى الظهر، ثم تحاجزوا، فجاء الخبر بالعشي أن مباركا التركي نزل بئر المطلب، فانضم إليه العسكر، فأقبل من الغد إلى الثنية، واجتمع إليه موالي العباسيين، فالتحم القتال يومئذ إلى الظهر، وغفل الناس عن مبارك، فانهزم على الهجن.
ثم تجهز الحسين أحد عشر يوما، وسار من المدينة، والرعية يدعون عليه في وجهه، فإنه آذى الناس، وكان أصحابه فسقة يتغوطون في جوانب المسجد، فمضى إلى مكة، وتجمع معه خلق من عبيد مكة، فبلغ خبره الهادي، وكان قد حج تلك الليالي محمد بن سليمان بن علي، وأخو المنصور عباس، وموسى بن عيسى، ومعهم العدد والخيل، فالتقى الجمعان، فكانت الوقعة بفخ بقرب مكة، فقتل في المصاف الحسين، وأراح الله منه.
ونودي بالأمان فجاء الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن أبو الزفت مغمضا عينه، قد أصابها شيء من الحرب، فوقف خلف محمد بن سليمان يستجير به، فأمر به موسى بن عيسى فقتل في الحال، فغضب محمد بن سليمان من ذلك، واحتزت رؤوس القتلى، فكانت مائة، وغضب الهادي على موسى بن عيسى لقتله أبا الزفت، فأخذ أمواله، وغضب أيضا على مبارك التركي، فأخذ أمواله، وصيره في ساسة الدواب.
وانفلت إدريس بن عبد الله بن حسن، فصار إلى مصر، وتوصل إلى المغرب، إلى أن استقر بطنجة، وهي على البحر المحيط، فاستجاب له من هناك من البربر، وأعانه على الهروب نائب مصر واضح العباسي، وكان