للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجلسا في الطيارة، والناس يدعون لهما بالنصر.

وأما فرنج دمياط فإنهم خرجوا بالفارس والراجل، وكان البحر زائداً جداً، فجاؤوا إلى ترعة فأرسوا عليها، وفتح المسلمون عليهم الترع من كل مكان، وأحدقت بهم عساكر الكامل، فلم يبق لهم وصول إلى دمياط، وجاء أصطول المُسلمين فأخذوا مراكبهم، ومنعوا عنهم الميرة من دمياط، وكانوا خلقاً عظيماً، وانقطعت أخبارهم عن دمياط، وكان فيهم مائة كند، وثمانمائة من الخيالة، وصاحب عكا، ومن الرجالة ما لا يحصى. فلما عاينوا الهلاك أرسلوا إلى الكامل يطلبون الصلح ويسلمون إليه دمياط، فأجابهم، ولو طول روحه يومين لأخذ برقابهم. فبعث إليهم ولده نجم الدين أيوب وابن أخيه شمس الملوك، وجاءت ملوكهم إلى الكامل فتلقاهم وأنعم عليهم، فوصل إليه المعظم والأشرف بالجيوش في تلك الحال في رجب، فعمل الكامل سماطاً عظيماً، وأحضر ملوك الفرنج، ووقف في خدمته الأخوان والأمراء، وكان يوماً مشهوداً. وقام راجح الحلي الشاعرُ فأنشد قطعةً مليحة منها:

ونادى لسانُ الكونِ في الأرض رافعاً عقيرتهُ في الخافقين ومُنشداً أعباد عيسى، إن عيسى وحزبه وموسى جميعاً ينصران محمداً وأشار إلى الإخوة الثلاثة.

ثم سار الفرنج في البر والبحر إلى عكا، ورجعت العساكر، وأقام الأشرفُ بمصر وصافى أخاه بعدما كان في النفس ما فيها، واتفقا على المعظم!

وفيها كتب الخليفة إلى الآفاق بإعادة أبي نصر محمد إلى ولاية العهد.

وفيها ولي قضاء دمشق جمال الدين المصري.

وعين لبناء سور دمشق مائتا ألف دينار، وقد ذرع فجاء دوره ستة آلاف ذراع.

قال المؤيد: طمعت الفرنج بأخذ الديار المصرية، وبذل لهم الكامل بيت المقدس، وعسقلان، وطبرية، وجبلة، وأماكن، فأبوا، ثم جاءته أمداد الشام والجزيرة، ونزل النصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>