الدولة ابن المطلب وشيخ الشيوخ، وحلف له قايماز أن لا يؤذيه ولا يتبعه. وأصبح العسكر في السلاح، والدروب تحفظ، ثم خرج بالليل الوزير ابن رئيس الرؤساء وأولاده، وسكن البلد. ثم دخل قايماز إلى الخليفة فاعتذر، ثم خرج طيب النفس. ثم بقيت الرسل تتردد، واستقر الأمر أن ابن رئيس الرؤساء يعبر إلى الجانب الغربي.
وفي رجب تكلم ابن الجوزي، قال: تقدم إلي بالجلوس تحت منظرة أمير المؤمنين، فتكلمت بعد العصر، وحضر السلطان، واكترى الناس الدكاكين، وكان موضع كل رجل بقيراط، حتى إنه اكتريت دكان بثمانية عشر قيراطا، ثم جاء رجل فأعطاهم ستة قراريط حتى جلس معهم. ودرست بالمدرسة التي وقفتها أم الخليفة، وحضر قاضي القضاة، وخلعت علي خلعة، وألقيت يومئذ دروسا كثيرة من الأصول والفروع. ووقف أهل بغداد من باب النوبي إلى باب هذه المدرسة كما يكون العيد وأكثر، وعلى باب المدرسة ألوف، وكان يوما مشهودا لم ير مثله. ودخل على قلوب أرباب المذاهب غم عظيم، وتقدم ببناء دكة لنا في جامع القصر فانزعجوا، وقالوا: ما جرت عادة الحنابلة بدكة؛ فبنيت وجلست فيها.
وكان الأمير تتامش قد بعث إلى بلد الغراف من نهبهم وآذاهم، ونجا منهم جماعة، فاستغاثوا، ومنعوا الخطيب أن يخطب، وفاتت الصلاة أكثر الناس، فأنكر أمير المؤمنين ما جرى، وأمر تتامش وزوج أخته قايماز، فلم يحفلا بالإنكار، وأصرا على الخلاف، وجرت بينهما وبين ابن العطار منابذات، ثم أصلح بينهم. فلما كان الغد، أظهروا الخلاف، وضربوا النار في دار ابن العطار، وطلبوه فاختفى. فطلب الخليفة قايماز، فأبى وبارز بالعناد.
وكان قد حلف الأمراء، وخرج هو وتتامش وجماعة من الأمراء من بغداد، فنهبت العوام دورهم، وأخذوا أموالا زائدة عن الحد.
قال ابن الأثير: ودخل بعض الصعاليك فأخذ أكياس دنانير، وفزع لا يؤخذ منه، فدخل إلى مطبخ الدار، فأخذ قدرة مملوءة طبيخا، فألقى فيها