للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا الله؛ إلاّ وجد من قلبه ضرورة تطلب العلوَّ، لا نلتفت يمنةً ولا يسرة، فكيف ندفع هذه الضرورة عن أنفسنا. أو قال: فهل عندك من دواء لدفع هذه الضّرورة الّتي نجدها؟ فقال: يا حبيبي، ما ثمَّ إلاّ الحيرة. ولطم على رأسه ونزل، وبقي وقت عجيب، وقال فيما بعد: حيرَّني الهمذانيّ.

ولأبي المعالي من التّصانيف: كتاب نهاية المطلب في المذهب، وهو كتاب جليل في ثمانية مجلَّدات، وكتاب الإرشاد في الأصول، وكتاب الرسالة النّظاميّة في الأحكام الإسلامية، وكتاب الشّامل في أصول الدّين، وكتاب البرهان في أصول الفقه، ومدارك العقول لم يتمُه، وكتاب غياث الأمم في الإمامة، وكتاب مغيث الخلق في اختيار الأحقّ، وغنية المسترشدين في الخلاف.

وكان إذا أخذ في علم الصُّوفية وشرح الأحوال أبكى الحاضرين.

وقد ذكره عبد الغافر في تاريخه فأسهب وأطنب، إلى أن قال: وكان يذكر في اليوم دروسًا يقع كلّ واحدٍ منها في عدّة أوراق، لا يتعلثم في كلمةٍ منها، ولا يحتاج إلى استدراك عثرةٍ، مرًا فيها كالبرق بصوت كالرَّعد. وما يوجد في كتبه من العبارات البالغة كنه الفصاحة غيض من فيض ما كان على لسانه، وغرفة من أمواج ما كان يعهد من بيانه، تفقّه في صباه على والده. وذكر التّرجمة بطولها.

وقال عليّ بن الحسن الباخرزيّ في الدمية، وذكر الإمام أبا المعالي فقال: فالفقه فقه الشّافعيّ، والأدب أدب الأصمعيّ، وفي بصره بالوعظ الحسن البصريّ. وكيف ما هو، فهو إمام كلّ إمام، والمستعلي بهمّته على كلّ همام. والفائز بالظَّفر على إرغام كلّ ضرغام. إذا تصدَّر للفقه، فالمزنيّ من مزنته قطرة، وإذا تكلَّم فالأشعريّ من وفرته شعرة، وإذا خطب ألجم الفصحاء بالعيّ شقاشقه الهادرة، ولثم البلغاء بالصَّمت حقائقه البادرة.

وقد أخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه وغيره في كتابهم عن الحافظ عبد القادر الرّهاويّ أنّ الحافظ أبا العلاء الهمذانيّ أخبره قال: أخبرني أبو

<<  <  ج: ص:  >  >>