حساب قطعي، ومن نظر في مستندهم جَزَمَ به، بخلاف قولهم في تأثير الكسوف في الأرض من موت عظيم، أو حادث كبير، فإن هذا من الإفك والزُّور والهذَيان الذي لا يحل لمسلم أن يعتقده، وذلك التّأثير عند المنجّمين ظنٌُّ وحدْس؛ والظّن أكذب الحديث، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الشمس والقمر لا يُكْسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، ولكنَّهما آيتان يخوّف اللهٌ بهما عباده.
[غرق بغداد]
زادت دجلة زيادةً مهولةً إلى الغاية لم يُعهد مثلها إلاّ من زمان، فغرق خلْقٌ كثير من أهل بغداد، ومات خلق تحت الهدْم، وركب الناس في المراكب واستغاثوا بالله تعالى وعاينوا التَّلف، فنقل أبو شامة قال: جاء كتاب من المدينة النبويّة من بعض بني الفاشانيّ يقول فيه: وصل إلينا من العراق نجَّابةٌ في جمادى الآخرة، وأخبروا عن بغداد أنه أصابها غرَقٌ عظيم حتَّى دخل الماءُ من أسوار بغداد، وغرق كثير من البلد، وانهدمت دار الوزير، وثلاثمائة وثمانون دارًا، وانهدم مخزن الخليفة، وهلك شيء كثير من خزانة السّلاح، وأشرف النّاس على الهلاك، وعادت السُّفُن تدخل إلى وسط البلد وتتخرق أزِقّة بغداد.
وقد وقع مثل هذا الغرق ببغداد في سنة أربع وخمسين وخمسمائة أيضًا، وبعد ذلك غير مرّة، فقد غرقت بغداد عدّة مرّات.
وفيها كانت فتنة الكرْخ في ذي الحجة، قتل أهل الكرْخ رجلًا من قطَفْتا فحمله أهلُه إلى باب النُّوبيّ، ودخل جماعة إلى الخليفة وعظّموا ذلك، ونسبوا أهل الكرْخ إلى كل فساد، فأمر بردعهم، فركب الجُند إليهم وتبعَهم الغوغاء فنُهب الكرْخ وأُحرقت عدّة مواضع، وسبوْا العلويّات وقتل عدّة، واشتدّ الخَطْبُ ثمّ أُخْمِدت الفتنة بعد بلاء كبير، وصُلب قاتل الأوّل.
ونُسب إلى مجاهد الدّين الدُّوَيْدار الصّغير أنَّه عاملَ على خلْع المستعصم وتولية ولده، فأسرع مجاهد الدّين وحَلَف وسأل أن يواقف القائل عنه، ولبس