للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميع ما كان يذكر أبو بكر ابن الباقلاني من الخلاف بين الناس صنفه من حفظه، وما صنف أحد خلافا إلا احتاج أن يُطالع كُتب المخالفين سوى ابن الباقلاني.

قلت: وقد أخذ ابن باقلاني علم النظر عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن مجاهد الطائي صاحب الأشعري.

وقد ذهب في الرسلية إلى ملك الروم، وجرت له أمور، منها أن الملك أدخله عليه من باب خوخة ليدخل راكعا للملك، ففطن لها، ودخل بظهره. ومنها: أنه قال لراهبهم: كيف الأهل والأولاد، فقال له الملك: أما علمت أن الراهب يتنزه عن هذا؟ فقال: تنزهونه عن هذا، ولا تنزهون الله تعالى عن الصاحبة والولد؟! وقيل: إن طاغية الروم سأله كيف جرى لعائشة، وقصد توبيخه، فقال: كما جرى لمريم، فبرأ الله المرأتين، ولم تأتِ عائشة بولد. فأفحمه، ولم يحر جوابا.

قال الخطيب: سمعت أبا بكر الخوارزمي يقول: كل مصنف ببغداد إنما ينقل من كُتب الناس إلى تصانيفه، سوى القاضي أبي بكر، فإن صدره يحوي علمه وعلم الناس.

وقال أبو محمد اليافي: لو أوصى رجل بثلث ماله لأفصح الناس، لوجب أن يدفع إلى أبي بكر الأشعري.

وقال الإمام أبو حاتم محمود بن الحسين القزويني: كان ما يضمره القاضي أبو بكر الأشعري من الورع والديانة أضعاف ما كان يُظهره، فقيل له في ذلك، فقال: إنما أظهر ما أظهره غيظا لليهود والنصارى والمعتزلة والرافضة، لئلا يستحقروا علماء الحق، وأضمر ما أضمره؛ فإني رأيت آدم مع حالته نودي عليه بذوقه، وداود بنظره، ويوسف بهمه، ونبينا بخطره، عليهم السلام.

ولبعضهم في أبي بكر ابن الباقلاني:

انظر إلى جبل تمشي الرجال به وانظر إلى القبر ما يحوي من الصلفِ وانظر إلى صارم الإسلام متغمدا وانظر إلى دُرة الإسلام في الصدفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>