وقال أبو شامة: وفيها قدم العزيز ثالثًا إلى الشّام ومعه عمّه الملك العادل.
قلت: فحاصرا دمشق مدّةً يسيرة، ووقعت المخامرة من عسكر دمشق ففتحوا الأبواب، ودخل العزيز والعادل في رجب.
قال ابن الأثير: كان أبلغ الأسباب في ذلك وثوق الأفضل بعمّه، وقد بلغ من وثوقه به أنّه أدخله بلده وهو غائب عنه، وقد كان أرسل إليه أخوه الظّاهر يقول له: أخرج عمّنا من بيننا، فإنّه لا يجيء علينا منه خير، وأنا أعرف به منك، وأنا زوج بنته. فردّ عليه الأفضل: أنت سّيئ الظّنّ، وأيّ مصلحة لعمّنا في أن يؤذينا؟ ولمّا تقرّر العادل بمصر استمال الملك العزيز، وقرّر معه أنه يخرج إلى دمشق، ويملك دمشق ويسلّمها إليه، فسار معه وحصروها، واستمالوا أميرًا فسلِّم إليهم باب شرقيّ، وفتحه ودخل منه العادل ووقف العزيز بالميدان، فلمّا رأى الأفضل أنّ البلد قد ملك، خرج إلى أخيه ودخل به البلد، واجتمعا بالعادل وقد نزل في دار أسد الدّين شيركوه، فبقوا أيامًا كذلك، ثمّ أرسلا إلى الأفضل ليتحول من القلعة، فخرج وسلَّم القلعة إلى أخيه.
قلت: رجع العزيز إلى مصر، وأقام العادل بدمشق، فتغلّب عليها، وأخرج أولاد أخيه صلاح الدّين عنها، وأنزل الأفضل في صرخد.
وقال أبو شامة: انفصل الحال على أن خرج الأفضل إلى صرخد، وتسَّلم البلد الملك العزيز، وسلّمها إلى عمه، وأسقط ما فيها من المكوس، وبقيت بها الخطبة والسّكة باسم الملك العزيز.
وقال في الروضتين: فيها نزل العزيز بقلعة دمشق، ودخل هو وأخوه الأفضل متصاحبين إلى الضريح النّاصريّ، وصلّى الجمعة عند ضريح والده، ودخل دار الأمير سامة في جوار التُّربة، وأمر القاضي محيي الدّين أن يبنيها مدرسةً للتربة، فهي المدرسة العزيزية، ووقف عليها قرية محجّة.