شيخٌ صالح، تالٍ لكتاب الله، كثير الخير والعبادة، يلقن بالجبل احتساباً لله تعالى من نحو أربعين سنة. ختم عليه القرآن خلقٌ كثير. وحدث عن يحيى الثقفي، وأبي الحسين أحمد ابن الموازيني، وابن صدقة الحراني، وجماعةٍ من الشاميين، وهبة الله البوصيري، وإسماعيل بن ياسين، وجماعةٍ من المصريين.
قال عز الدين ابن الحاجب: كان رفيقي إلى مكة، وكتب كثيراً. أراه يتلو القرآن، وفي أكثر ليله يدعو الله تعالى ويتهجد، سألت عنه الضياء فقال: إمامٌ دين، يقرئ الناس احتساباً.
قلت: روى عنه لنا بنته خديجة، والشمس محمد ابن الواسطي، والعز أحمد ابن العماد، والتقي سليمان الحاكم، وغيرهم.
قال الضياء: توفي في ليلة الخميس ثاني صفر، وكان يلقن القرآن احتساباً. حدثني ولده أبو العباس أحمد، قال: كنا عنده قبل موته، فإذا هو كأنه ينظر إلى أحد ويبش إليه كأنه يريد القيام له، فقلنا له في ذلك، فقال: جاءني رجلٌ حسن الوجه، ووصفه، فقال: أنا أونسك في قبرك، قال: وكان قبل ذلك قد صار لفمه رائحة، فطابت رائحة فمه، ولما وضعناه في قبره وجدنا له رائحةً طيبةً. أو كما قال.
٣٤٤ - عبد الرحمن بن أبي القاسم بن غنائم بن يوسف، الأديب بدر الدين الكناني العسقلاني ابن المسجف الشاعر.
ولد سنة ثلاثٍ وثمانين وخمسمائة. وتوفي في الرابع والعشرين من ذي الحجة، ودفن عند والده بالمزة. وكان أديباً، شاعراً، ظريفاً، خليعاً، عفا الله عنه.
قال سعد الدين ابن حمويه: توفي فجاءةً، وظهر له خمسمائة ألف درهم، فأخذها ابن ممدود - يعني الجواد صاحب دمشق - وله أختٌ عمياء فقيرةٌ منعها حقها. وكان ابن المسجف يتجر، وله رسوم على الملوك. وأكثر شعره في الهجو، سلك طريق الشرف بن عنين.