أيضا بالقراءات العشر على الإمام قاضي القضاة أبي سعد بن أبي عصرون بما تضمنه كتاب الإيجاز تأليف أبي ياسر محمد بن علي المقرئ الحمامي، وهو من جملة تلامذته في الفقه.
فأخبرنا أبو الحسين اليونيني أنه سمع أبا الحسن ابن الجميزي يقول: قرأت عليه - يعني على ابن عصرون - كتاب المهذب لأبي إسحاق الشيرازي، وكان قد قرأه على القاضي أبي علي الفارقي عن المصنف، وذلك في سنة خمس وسبعين وبعدها، وألبسني في هذا التاريخ شيخنا أبو سعد الطيلسان وشرفني به على الأقران، وكتب لي: لما ثبت عندي علم الولد الفقيه الإمام بهاء الدين أبي الحسن علي بن أبي الفضائل - وفقه الله - ودينه وعدالته، رأيت تمييزه من بين أبناء جنسه وتشريفه بالطيلسان، والله يرزقه القيام بحقه، وكتب عبد الله بن محمد بن أبي عصرون وسمعت عليه كتاب الوسيط للواحدي، وكتاب الوجيز له أيضا، وكتاب الوقف والابتداء لابن الأنباري، وكتاب الإيجاز في القراءات لأبي ياسر، أخبرني به عن أبي بكر المزرفي، وكتاب معالم السنن للخطابي، وغير ذلك من الأجزاء.
قلت: وهو آخر تلامذة أبي سعد في الدنيا، والعجب من القراء كيف لم يزدحموا عليه ولا تنافسوا في الأخذ عنه؟ فإنه كان أعلى إسنادا من كل أحد في زمانه، فلعله كان تاركا للفن.
وسمع ببغداد من شهدة الكاتبة، وعبد الحق اليوسفي، وأبي شاكر يحيى السقلاطوني، ومحمد بن نسيم العيشوني وسمع بالإسكندرية من أبي طاهر السلفي، وتفرد عنه بأشياء، وعن غيره وسمع من: أبي الطاهر بن عوف، وأبي طالب أحمد بن المسلم التنوخي وسمع بمصر من: عبد الله بن بري النحوي، وأبي القاسم بن فيره الشاطبي، وقرأ عليه عدة ختمات ببعض الروايات، وسمع منه: الموطأ وعدة كتب وتفقه بمصر على: أبي إسحاق إبراهيم بن منصور العراقي، والشهاب محمد بن محمود الطوسي.
ودرس وأفتى دهرا، وخطب مدةً بجامع القاهرة، وكان رئيس العلماء في وقته، معظما عند الخاصة والعامة، كبير القدر، وافر الحرمة، ولا نعلم أحدا سمع من: السلفي وابن عساكر وشهدة سواه إلا الحافظ عبد القادر بن عبد الله.