الحاكم بأمر الله، أمير المؤمنين، كما صليت على آبائه الراشدين، اللهم أعنه على ما وليته، واحفظ له ما استرعيته، وانصر جيوشه وأعلامه.
وكان السبب أن رسل الحاكم وكتبه تكررت إلى قرواش، فاستمالته وأفسدت نيته. ثم انحدر إلى الأنبار، فأمر الخطيب بهذه الخطبة، فهرب الخطيب، فسار قرواش إلى الكوفة، فأقام بها الدعوة في ثاني ربيع الأول، وأقيمت بالمدائن، وأبدى قرواش صفحة الخلاف، وعاث، فانزعج القادر بالله، وكاتب بهاء الدولة، وأرسل في الرّسْليّة أبا بكر محمد بن الطيب الباقلاني، وحمله قولا طويلا، فقال: إن عندنا أكثر مما عند أمير المؤمنين، وقد كاتبنا أبا علي - يعني عميد الجيوش - وأمرنا بإطلاق مائة ألف دينار يستعين بها على نفقة العسكر، وإن دَعَت الحاجة إلى مسيرنا سِرنْا. ثم نفذ إلى قرواش في ذلك، فاعتذر ووثق من نفسه في إزالة ذلك، وأعاد الخطبة للقادر، وكان الحاكم قد وجه إلى قرواش هدايا بثلاثين ألف دينار، فسار الرسول فتلقّاه قَطع الخطبة في الرَّقة فردَّ.
وفي ربيع الأول منها عُزِل عن إمرة دمشق منير بالقائد مظفر، فولي أشهرا، وعُزِل بالقائد بدر العطار، ثم عُزِل بدر في أواخر العام أيضا، وولي القائد منتجب الدولة لؤلؤ، وكلهم من جهة الحاكم العُبَيْديّ. ثم قدم دمشق أبو المطاع بن حمدان متوليا عليها من مصر يوم النَّحْر.
وفي صفر انقض وقت العصر كوكب من الجانب الغربي إلى سَمْتِ دار الخلافة، لم يُرَ أعظم منه.
وفي رمضان بلغت زيادة دِجْلة إحدى وعشرين ذراعا وثُلثا، ودخل الماء إلى أكثر الدُّور الشّاطئية وباب التِّبْن وباب الشعير وغرقت القُرى.
وفيها خرج أبو الفتح الحسن بن جعفر العلوي، ودعا إلى نفسه، وتلقب بالراشد بالله. وكان حاكما على مكة والحجاز وكثير من الشام، فإن الحاكم بعث أمير الأمراء يازوخ نائبا إلى الشام، فسار بأمواله وحُرمه، فلقِيَهم في غزَّة مفرج بن جراح، فحاز جميع ما معهم وقتل يازوخ، وسار مفرج إلى الرملة