كلامه. فيتكلم تارةً بالعجمي وتارة بالفرنجي وبغير ذلك، وتظهر منه أنواع من الاختلال والذي ظهر لي من أمره أنه كان يميل إلى مذهب الإسماعيلية، فإنه سافر في شبابه إلى حصونهم واجتمع بجماعةٍ من أكابرهم.
قلت: كان ضالاً بلا شك. يتكلم بكفريات، وإذا سأل من يخادمه عن أمرٍ، قال: أنت أعلى وأعلم، وكان إذا ذكروا ابنه يقول: السر بهاشم.
٥٠٣ - عبد الرحمن بن يوسف بن محمد بن نصر بن أبي القاسم بن عبد الرحمن، المفتي، القُدوة، فخر الدين، أبو محمد البعلبكي، الحنبلي.
ولد سنة إحدى عشرة ببعلبك وسمع من أبي المجد القزويني والبهاء عبد الرحمن وابن الزُّبيدي وابن اللتي والفخر الإربلي والناصح ابن الحنبلي ومكرم بن أبي الصقر وجماعة، وقرأ القرآن على خاله القاضي صدر الدين عبد الرحيم بن نصر، وقدم دمشق للاشتغال في سنة ثلاثين، فتفقَّه على الإمام تقي الدين ابن العز وشمس الدين عمر بن المنجى وأبي سليمان ابن الحافظ. وحفظ كتاب علوم الحديث لابن الصلاح وعرضه حفظاً على المصنّف. وقرأ الأصول وشيئاً من الخلاف على السيف الآمدي وعلى القاضي نجم الدين أحمد بن راجح، وقرأ في النحو على أبي عمرو ابن الحاجب، ثم على المجد الإربلي الحنبلي. ثم رجع إلى بلده، وكان الشيخ الفقيه يحبه ويُكرمه وجعله إماماً بمسجد الحنابلة، فلم يزل يؤم به إلى أن انتقل إلى دمشق.
وقد درس بالجوزية نيابة عن القاضي نجم الدين ابن الشيخ شمس الدين. ودرس بالصدرية وبالمسمارية نيابةً عن بني المنجى. وولي تدريس الحلقة بالجامع ومشيخة مشهد عروة ومشيخة النّورية ومشيخة الصدرية، وروى الكثير وأفتى وأشغل وتخرج به جماعة من الفضلاء.
وكان عديم المثل، كبير القدر. سألت أبا الحجاج الكلبي، عنه فقال: هو أحد عباد الله الصالحين، وأحد من كان يظن به أنه لا يحسن يعصي الله، سمعنا منه طرفاً صالحاً من مسموعاته.
وقال قطب الدين: كان صالحاً، زاهداً، عابداً، فاضلاً، وهو من أصحاب والدي، رحمه الله، اشتغل عليه وقدّمه يصلي به في المسجد. رافقته