وقال أحمد بن صالح الجيلي: سمع من أبي الفضل بن خيرون، وكان يتكلم على آفات الأعمال في المعاملات، والرياضات، والورع، والإخلاص.
وقد جاهد نفسه بأنواع المجاهدات، وزاول أكثر المهن والصنائع في طلب الحلال، وكان كأنه مسلوب الاختيار، مكاشفًا بأكثر الأحوال.
ومن كلام الشيخ حماد: إذا أحب الله عبدًا أكثر همه فيما فرط، وإذا أبغض عبدًا أكثر همه فيما قسمه له، ووعده به، العلم محجةٌ، فإذا طلبته لغير الله صار حجة.
وقال أبو سعد السمعاني: سمعت أبا نصر عبد الواحد بن عبد الملك يقول: كان الشيخ حماد يأكل من النذر، ثم تركه لما بلغه قوله عليه السلام: إنه يستخرج به من البخيل، فكره أكل مال البخيل، وصار يأكل بالمنام، كان الإنسان يرى في النوم أن قائلًا يقول له: أعط حمادًا كذا فيصبح ويحمل ذلك إلى الشيخ.
وقال الشيخ أبو النجيب عبد القاهر: مرض الشيخ حماد، فاحتاج إلى التنشق بماء ورد، فحمل له أبو المظفر محمد بن علي الشهرزوري الفرضي منه شيئًا، فلما وضع بين يديه قال: ردوه فإنه نجس، فردوه إلى أبي المظفر فقال: صدق الشيخ، كان وقع في طرفه نجاسة وتركته وحده لأريقه، فنسيت.
وقال المبارك بن كامل: مات الشيخ العارف الورع الناطق بالحكمة حماد الدباس في سنة خمس، ولم أر في زماني مثله صحبته سنين وسمعت كلامه.
وكان مكاشفًا يتكلم على الخواطر، مسلوب الاختيار، زيه زي الأغنياء، وتارة زيه زي الفقراء متلون، كيف أدير دار، وكان شيخ وقته، يشبه كلامه كلام الحصري، كانت المشايخ إذا جاءت إليه كالميت بين يدي الغاسل، لا يتجاسر الشخص أن يختلج.
وقال ابن الجوزي قابله الله: كان حماد الدباس على طريقة التصوف، يدعي المعرفة والمكاشفة وعلوم الباطن، وكان عاريًا عن علم الشرع فلم ينفق إلا على الجهال، وكان ابن عقيل ينفر الناس عنه، حتى بلغه عنه أنه يعطي