وعقنا، وطمح بأنفه عنا، فالحمد لله على فساد الزمان، وتغير نوع الإنسان. فبلغ ذلك بديع الزمان، فكتب إليه: نعم، أطال الله بقاء الشيخ الإمام، إنه الحمأ المسنون، وإن ظنت به الظنون، والناس لآدم، وإن كان العهد قد تقادم، وتركيب الأضداد، واختلاف الميلاد، والشيخ يقول: فسد الزمان. أفلا يقول: متى كان صالحاً؟ أفي الدولة العباسية، فقد رأينا آخرها، وسمعنا أولها، أم المدة المروانية، وفي أخبارها.
لا تكسع الشول بأغبارها أم السنين الحربية؟
والسيف يعقد في الطلى والرمح يركز في الكلى ومبيت حجر بالفلا وحرتان وكربلا أم البيعة الهاشمية، والعشرة براس من بني فراس؟ أم الأيام الأموية، والنفير إلى الحجاز، والعيون تنظر إلى الأعجاز؟ أم الإمارة العدوية، وصاحبها يقول: هلم بعد البزول إلى النزول؟ أم الخلافة التيمية، وهو يقول: طوبى لمن مات في نأنأة الإسلام؟ أم على عهد الرسالة ويوم الفتح، قيل: اسكني يا فلانة، فقد ذهبت الأمانة؟ أم في الجاهلية، ولبيد في خلف كجلد الأجرب؟ أم قبل ذلك، وأخو عاد يقول:
إذ الناس ناس والبلاد بلاد؟ أم قبل ذلك، وآدم فيما قيل يقول:
تغيرت البلاد ومن عليها؟ أم قبل ذلك، والملائكة تقول:(أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء)؟ ما فسد الناس؛ إنما اطرد القياس، ولا أظلمت الأيام؛ إنما امتد الظلام، وهل يفسد الشيء إلا عن صلاح، ويمسي المرء إلا عن صباح؟ وإني على توبيخ شيخنا لي لفقير إلى لقائه، شفيق على بقائه، منتسب إلى ولائه، شاكر لآلائه، لا أحل حريداً عن أمره، ولا أقل بعيداً عن قلبه، وما نسيته ولا أنساه، إن له على كل نعمة خولينها الله نارا، وعلى كل كلمة علمنيها الله منارا، ولو عرفت لكتابي موقعاً من قلبه، لاغتنمت