جزأين، هجم عليه ثلاثة نفر من الشّراة فضربوه بالسيوف، فجيء به إلى بغداد، فمات بعد ثلاث، وذلك في شعبان، وحُفظ قبره من النبش، وظهر في قبره عجب، وهو أنه خُسف بقبره بعد دفنه أذرعًا، وظهر من سبّه ولعنه ما لا يكون لذمي.
قلت: روى عنه أبو جعفر عبد الله ابن المظفّر، رئيس الرؤساء جملة من شعره، ومن شعره:
الصّب مغلوبٌ على آرائه فهبوه معشرَ عاذليه لدائه ومتى يرجّى اللائمون سلوه باللوم وهو يزيد في إغرائه ما كنت أبخل بالفؤاد على اللظى لولا حبيب حلّ في حوبائه ولقد سكنت إلى مصاحبه الضّنا لما حمدت إليه حُسن وفائه
٥٧٥ - أحمد بن معدّ بن عيسى بن وكيل، الزاهد أبو العباس، التجيبي، الأقليشي، ثم الداني.
سمع أباه أبا بكر، وليس بالمشهور، وسمع صهره طارق بن يعيش، وأبا العباس بن عيسى، وتلمذ له، وأبا الوليد ابن الدبّاغ، وجماعة، وحجّ، فسمع بمكة من الكروخي.
وكان من الأئمة والعلماء العاملين، له عدة مصنفات، روى عنه الوزير أبو بكر بن سفيان، وغيره، وكان كثير البكاء، والخشية، والعزوب عن الدنيا، عارفًا باللغة، والعربية، والحديث، كبير القدر، سمع الكثير بالإسكندرية من السلفي.
ومن شعره، وما أقصر:
أسِيرُ الخطايا عند بابِكَ واقِف … لَهُ عَنْ طريق الحقّ قلبٌ مخالفُ
قديمًا عصى عَمْدًا وجَهْلًا وغرَّةً … ولم يَنْهَهُ قلبٌ من اللَّه خائف
تزيدُ سنوهُ وهو يزداد ضِلَّةً … فها هو في ليل الضلالة عاكف
تطلع صبحُ الشَّيْب والقلبُ مظلمٌ … فما طاف فيه من سَنَا الحقّ طائف
ثلاثون عامًا قد تولّت كأنها … حلومٌ تقضت أو بروقٌ خواطف
وجاء المَشِيبُ المُنْذِر المرءَ أنّه … إذا رحلت عَنْهُ الشّبيبةُ تالف
فيا أحمد الخَوّان قد أدبر الصِبى … وناداك من سنّ الكُهُولة هاتف
فجدْ بالدُّموع الحُمر حُزْنًا وحَسْرةً … فدمْعُكَ يُنْبِي أنَّ قلبَكَ آسف