الوزارة مؤيّد الدّين، وأستاذ الدّار مراقي من الكرسيّ المنصوب بين يدي الشّبّاك. واستدعي مظفّر الدّين، فطلع، وأشار بيده بالسّلام على المستنصر، ثمّ قرأ:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الآية، فردّ المستنصر عليه السّلام، فقبّل الأرض عدّة مرار، فقال له: إنّك اليوم لدينا مكينٌ أمين في كلام مضمونه: ثبت عندنا إخلاصك في العبوديّة. فقبّل الأرض، وأذن له في الانكفاء، وأسبلت الأستار، وأدخل حجرة، فخلع عليه فرجيّة ممزج، ومن تحتها قباء أطلس أسود، وعمامة قصب كحليّة بطرز ذهب، وقلّد سيفين محلاّيين بالذّهب، وأمطي فرساً بسرج ذهبٍ، وكنبوش ومشدّة حرير، ورفع وراءه سنجقان مذهّبان. ثمّ اجتمع بالخليفة يوماً آخر، وخلع عليه أيضاً، وأعطي رايات وكوسات وستّين ألف دينار، وخلع على جماعة من أصحابه.
وفيها جدّد لمشهد أبي بكر من جامع دمشق إمامٌ راتب.
وفيها كان الغلاء بمصر لنقص النّيل.
وفيها قدم الملك الأشرف دمشق، وحبس الحريريّ بقلعة عزّتا، وأفتى جماعةٌ بقتله وزندقته، فأحجم السّلطان عن القتل.
وأمر السّلطان بشراء دار الأمير قيماز النّجميّ، لتعمل دار حديث، فهي الدّار الأشرفية، وأن يكون للشيخ سبعون درهماً، وهو الجمال أبو موسى ابن الحافظ، فمات أبو موسى قبل أن يكمل بناؤها.
وفيها درّس بالتّقويّة العماد الحرستانيّ، وبالشّاميّة الجوّانيّة ابن الصّلاح. وحضر الملك الصّالح الدّرس؛ وتكلّموا في هذه المدرسة، وأرادوا إبطالها، وقالوا: وهي وقف على الحنفيّة، وعملوا محضراً أن سودكين المعروفة به أوّلاً وقفها على الحنفيّة، وشهد ثلاثة بذلك بالاستفاضة، فلم ينهض بذلك.
وفيها صلب التّاج التّكريتيّ الكحّال؛ لأنّه قتل جماعةً ختلاً في بيته، ودفنهم، ففاحت الرائحة، وعدمت امرأةٌ عنده، فصلب، وسمّروه.
ودرّس بالصّاحبيّة - مدرسة ربيعة خاتون - النّاصح ابن الحنبليّ، وكان يوماً مشهوداً، حضرت الواقفة وراء الستر.