للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو الفتح منصور بن علي الطرسوسي: أراد الدارقطني الخروج من عندنا من مصر، فخرجنا من مصر معه نودعه، فلما ودعناه بكينا، فقال لنا: تبكون وعندكم عبد الغني بن سعيد، وفيه الخلف.

وقال عبد الغني: لما رددت على أبي عبد الله الحاكم الأوهام التي في مدخل الصحيح بعث إلي يشكرني ويدعو لي، فعلمتُ أنه رجل عاقل.

وقال البرقاني: ما رأيت بعد الدارقطني أحفظ من عبد الغني.

وقال الصوري: قال لي عبد الغني: ابتدأت بعمل كتاب المؤتلف والمختلف، فقدم علينا الدارقطني، فأخذت عنه أشياء كثيرة منه، فلما فرغت من تصنيفه سألني أن أقرأه عليه ليسمعه مني، فقلت: عنك أخذت أكثره، قال: لا تقل هكذا، فإنك أخذته عني مفرقا، وقد أوردته فيه مجموعا، وفيه أشياء كثيرة أخذتها عن شيوخك، فقرأته عليه.

وذكره أبو الوليد الباجي، فقال: حافظ متقن.

وقال الحبال (١)، وغيره: توفي في سابع صفر سنة تسع.

وقيل: كانت له جنازة عظيمة تحدث بها الناس، ونودي على جنازته: هذه جنازة نافي الكذب عن رسول الله .

وقال أبو الوليد الباجي: قلت لأبي ذر الهروي: أخذت عن عبد الغني؟ فقال: لا، إن شاء الله. على معنى التأكيد، وذلك أنه كان له اتصال ببني عُبيد - يعني خلفاء مصر (٢) -.

قلت: وكان عبد الغني أعلم الناس بالأنساب في زمانه مع معرفته بفنون الحديث وحِذقه به (٣).

٢٨٤ - عبد الواحد بن محمد بن عمرو بن حُميد بن معيُوف، أبو


(١) لم نجده في "وفياته" المطبوعة، وما عدنا نشك أنها ناقصة، وقع فيها سقط.
(٢) عقب المؤلف على هذا في "السير" فقال: "اتصاله بالدولة العُبيدية كان مداراة لهم، وإلا فلو جمح عليهم، لاستأصله الحاكم خليفة مصر الذي قيل: إنه ادعى الإلهية. وأظنه ولي وظيفة لهم. وقد كان من أئمة الأثر، نشأ في سُنة واتباع قبل وجود دولة الرفض، واستمر هو على التمسك بالحديث، ولكنه دارى القوم وداهنهم، فلذلك لم يحب الحافظ أبو ذر الأخذ عنه" (١٧/ ٢٧١).
(٣) ينظر تاريخ دمشق ٣٦/ ٣٩٥ - ٤٠٠.