للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طعاما، وقد أحلت لي الميتة، فأخذت من وديعتك ثمن هذا الخبز والشواء، فكل طيبا، فإنما هو لك، وأنا ضيفك الآن، فقلت: وما ذاك؟ قال: أمك وجهت معي ثمانية دنانير، والله ما خنتك فيها إلى اليوم، فسكنته وطيبت نفسه، ودفعت إليه شيئا منها.

كتب إلي عبد الله بن أبي الحسن الجبائي، قال: قال لي الشيخ عبد القادر: كنت في الصحراء أكرر الفقه وأنا في مشقة من الفقر، فقال لي قائل لم أر شخصه: اقترض ما تستعين به على طلب الفقه، فقلت: كيف أقترض وأنا فقير، ولا وفاء لي؟ قال: اقترض وعلينا الوفاء، قال: فجئت إلى بقال فقلت له: تعاملني بشرط إذا سهل الله لي شيئا أعطيك، وإن مت تجعلني في حل، تعطيني كل يوم رغيفا ورشادا، قال: فبكى وقال: يا سيدي أنا بحكمك، فأخذت منه مدة، فضاق صدري، فأظن أنه قال: فقيل لي: امض إلى موضع كذا، فأي شيء رأيت على الدكة فخذه وادفعه إلى البقلي، فلما جئت رأيت على دكة هناك قطعة ذهب كبيرة، فأخذتها وأعطيتها للبقلي.

قال: ولحقني الجنون مرة، وحملت إلى المارستان، وطرقتني الأحوال حتى مت، وجاؤوا بالكفن، وجعلوني على المغتسل، ثم سري عني وقمت، ثم وقع في نفسي أن أخرج من بغداد لكثرة الفتن التي بها، فخرجت إلى باب الحلبة، فقال لي قائل: إلى أين تمشي؟ ودفعني دفعة حتى خررت منها، وقال: ارجع، فإن للناس فيك منفعة، قلت: أريد سلامة ديني، قال: لك ذاك، ولم أر شخصه، ثم بعد ذلك طرقتني الأحوال، فكنت أتمنى من يكشفها لي، فاجتزت بالظفرية، ففتح رجل داره، وقال لي: يا عبد القادر، أيش طلبت البارحة؟ فنسيت وسكت، فاغتاظ مني، ودفع الباب في وجهي دفعة عظيمة، فلما مشيت ذكرت الذي سألت الله، فرجعت أطلب الباب، فلم أعرفه، وكان حمادا الدباس، ثم عرفته بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>