فكنت تأمن أن يجري عليك سبب، وحفظت به ما عندك من الكُتب. قلت: خاف أن يؤذيه خلفاء مصر الروافض - قال: فقلت له: نعم. قال: فجردتُ من فضائل علي نحو ثلاثمائة سحاةً أو أكثر، ونظمتُ ذلك في خيط حتى أولفها، وأجعل كل شيء في موضعه، وجعلتها في سقف، وأقمتُ في معاشي نحو شهرين وأنا مشغول، فرأيتُ أبي في النوم، فقال لي: أجب أمير المؤمنين عليا. فقلت: نعم. فتقدمني إلى ناحية المحراب من جامع عمرو، فإذا بعلي رضي الله عنه جالس عند القبلة وتحته وطاء يشبه وطاء الصُوفية، ونعلاه قد خرج بعضهما من تحت الوطاء، وله بطن ولحية عظيمة عريضة قد ملأت صدره، وتظهر لمن كان من ورائه من فوق كتفيه، ولونُه فيه أدمة، فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فرد علي السلام ونظر إلي وقال لي: اجلس. فجلستُ وبقي أبي قائم. ثم مد يده إلى الحصير الذي في جدار القِبلة، فأخرج ذلك الخيط بعينه الذي فيه الرقاع فقال: ما هذه؟ قلتُ: فضائلك يا أمير المؤمنين. فقال: ولم أفردتني؟ كنت إذا أردت تبتدئ بفضائل أبي بكر، وعمر، وعثمان، وفضائلي. فقلت: السمع لك والطاعة يا أمير المؤمنين، وأنا بين يديه ما برحت، ثم استيقظت ومضيتُ إلى المكان الذي فيه تلك الرقاع، فما وجدتها إلى الآن، ولقيت من سألني عن فضائله. قلت له: مع فضائل أصحابه رضي الله عنهم.
توفي في ذي القعدة بمصر.
٢٧٧ - يحيى بن محمد بن إدريس، أبو نصر الهروي الكِناني الحنفي قاضي هراة.
كان أوحد عصره في العِلم والفضل والزُهد. انتقى عليه أبو الفضل الجارودي. وقد سمع أبا علي الرفاء، وأبا تُراب محمد بن إسحاق. روى عنه حفيده صاعد بن سيار القاضي.