وعمّر المنصور إسماعيل صاحب المغرب مدينة المنصورية.
وتوفي المستكفي بالله عبد الله ابن المكتفي علي معتقلاً في دار معز الدولة بنفث الدم. وله ست وأربعون سنة.
وفيها توفي السلطان عماد الدولة أبو الحسن علي بن بويه بن فناخسرو الديلمي. وقد ذكرنا مبدأهم في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. وكان قد ملك بلاد فارس. وكان عاقلاً شجاعاً مهيباً، اعتلّ بقرحةٍ في الكلى أنهكت جسمه، وتوفي بشيراز وله تسعٌ وخمسون سنة. وأقام المطيع لله مقامه أخاه أبا علي ركن الدولة والد السلطان عضد الدولة. وكان معز الدولة يحب أخاه عماد الدولة ويحترمه ويكاتبه بالعبودية.
وفيها ولي إمرة دمشق شعلة بن بدر الإخشيدي من قبل ولد الإخشيد، وكان أحد الأبطال الموصوفين، وفيه ظلم.
[سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة]
فيها استولى قراتكين على الري والجبال، ودفع عنها عسكر ركن الدولة.
وفيها غزا سيف الدولة بن حمدان بلاد الروم في ثلاين ألفاً، ففتح حصوناً وقتل وسبى وغنم، فأخذ عليه الروم الدرب عند خروجه، فاستولوا على عسكره قتلاً وأسراً، واستردوا جميع ما أخذ، وأخذوا جميع خزائنه، وهرب في عددٍ يسير.
وفيها رُد الحج الأسود إلى موضعه. بعث به القرمطي مع محمد بن سنبر إلى المطيع. وكان بجكم قد دفع فيه قبل هذا خمسين ألف دينار وما أجابوا، وقالوا: أخذناه بأمر وما نرده إلا بأمر. فلما ردوه في هذه السنة قالوا: رددناه بأمر من أخذناه بأمره. وكذبوا، فإن الله سبحانه وتعالى قال:{وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا}، فكذبهم الله بقوله:{قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} وأن عنوا بالأمر القدر، فليس ذلك حجة لهم، فإن الله - تعالى - قدر عليهم الضلال والمروق من الدين، وقدر عليهم أنه يدخلهم النار، فلا ينفعهم قولهم: أخذناه بأمر. وقد أعطاهم المطيع مالاً، وبقي الحجر عندهم اثنتين وعشرين سنة.
وفيها - قاله المسبحي - وافى سنبر بن الحسن إلى مكة ومعه الحجر الأسود، وأمير مكة معه، فلما صار بفناء البيت أظهر الحجر من سفط وعليه ضبات فضة