وقال: أصل التصوف ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع، وتعظيم حرمة المشايخ، ورؤية أعذار الخلق، وحسن صحبة الرفقاء، والقيام بخدمتهم، واستعمال الأخلاق الجميلة، والمداومة على الأوراد، وترك ارتكاب الرخص.
وقال: نهايات الأولياء بدايات الأنبياء.
وقال: المحبة مجانبة السلو على كل حال، ثم أنشد:
ومن كان في طول الهوى ذاق سلوة فإني من ليلي لها غير ذائق وأكبر شيء نلته من وصالها أماني لم تصدق كلمحة بارق
قال السلمي: كان أبو القاسم النصراباذي يحمل الدواة والورق، وكلما دخلنا بلداً قال لي: قم حتى نسمع، وذلك في سنة ست وستين وثلاثمائة. فلما دخلنا بغداد قال: قم بنا إلى القطيعي، وكان له وراق قد أخذ من الحاج شيئاً ليقرأ لهم، فدخلنا، فأخطأ الوراق غير مرة، والنصراباذي يرد عليه، وأهل بغداد لا يحملون هذا من الغرباء، فلما رد عليه الثالثة قال: يا رجل إن كنت تحسن تقرأ فتعال، كالمستهزئ به، فقام الأستاذ أبو القاسم، وقال: تأخر قليلاً، وأخذ الجزء فقرأ قراءة تحير منها القطيعي ومن حوله، فقرأ ثلاثة أجزاء، وجاء وقت الظهر، فسألني الوراق: من هذا؟ قلت: الأستاذ أبو القاسم النصراباذي، فقام وقال: أيها الناس، هذا شيخ خراسان.
قال السلمي: وقد خرج بنا نستسقي مرة، فعمل طعاماً كثيراً، وأطعم الفقراء، فجاء المطر كأفواه القرب، وبقيت أنا وهو لا نقدر على المضي بحال. قال: فأوينا إلى مسجد، فكان يكف، وكنا صياماً، فقال: لعلك جائع؟ تريد أن أطلب لك من الأبواب كسرة؟ قلت: معاذ الله.
وكان يترنم بهذا:
خرجوا ليستسقوا فقلت لهم: قفوا دمعي ينوب لكم عن الأنواء قالوا: صدقت ففي دموعك مقنع لكنها ممزوجة بدماء