قال أبو عبد الله الحاكم: وقام محمد بن أسلم مقام وكيع، وأفضل من مقامه لزهده وورعه وتتبعه للأثر.
وقال ابن خزيمة: حدثنا رباني هذه الأمة محمد بن أسلم.
وقال أحمد بن سلمة: سمعت محمد بن أسلم يقول: لما أدخلت على عبد الله بن طاهر ولم أسلم عليه بالإمرة غضب وقال: عمدتم إلى رجل من أهل القبلة فكفرتموه، فقيل: قد كان ما أنهي إلى الأمير. فقال عبد الله: شراك نعلي عمر بن الخطاب خير منك، وقد كان يرفع رأسه إلى السماء، وقد بلغني أنك لا ترفع رأسك إلى السماء، فقلت برأسي هكذا إلى السماء ساعة، ثم قلت: ولم لا أرفع رأسي إلى السماء؟ وهل أرجو الخير إلا ممن في السماء؟ ولكني سمعت المؤمل بن إسماعيل يقول: سمعت سفيان الثوري يقول: النظر في وجوهكم معصية. فقال بيده هكذا يحبس، فأقمنا وكنا أربعة عشر شيخا، فحبست أربعة عشر شهرا، ما اطلع الله على قلبي أني أردت الخلاص من ذلك الحبس، قلت: الله حبسني وهو يطلقني وليس لي إلى المخلوقين من حاجة. فأخرجت وأدخلت عليه، وفي رأسي عمامة كبيرة طويلة. فقال لي: ما تقول في السجود على كور العمامة. قلت: حدثنا خلاد بن يحيى، عن عبد الله بن المحرر، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد على كور العمامة. فقال: هذا إسناد ضعيف. فقلت: يستعمل هذا حتى يجيء أقوى منه. ثم قلت: وعندي أقوى منه: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا شريك، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد يتقي بفضوله حر الأرض وبردها. هذا الدليل على السجود على كور العمامة. فقال: ورد كتاب أمير المؤمنين ينهى عن الجدل والخصومات، فتقدم إلى أصحابك أن لا يعودوا. فقلت: نعم. ثم خرجت من عنده.
قال أحمد بن سلمة: فقلت له: أخبرني غير واحد أن جل أصحابنا صاروا إلى يحيى بن يحيى فكلموه أن يكتب إلى عبد الله بن طاهر في تخليتك، فقال يحيى: لا أكاتب السلطان. وإن كتب على لساني لم أكره حتى يكون