سمع من زين الأمناء وابن غسان والناصح ابن الحنبلي والفخر ابن الشيرجي وكريمة بنت الحبقبق وأختها صفية، أخذ عنه المزي والبرزالي والجماعة ومات في أوائل شعبان.
٣٠ - سليمان بن محمد الفقير، الحريري، المغربل، المعروف بالغث.
من مشاهير الفقراء المداخلين للأمراء، وكان يصحب الشجاعي وله صورة وفيه مردكة (١) وقلة خير.
توفي في رمضان بدمشق وصلي عليه بدمشق عقيب الجمعة، ولعله رحم بذلك، مات في الكهولة، رأيته وكان مليح الشكل.
٣١ - سنقر الأشقر، الأمير الكبير، الملك الكامل، شمس الدين الصالحي، من أعيان البحرية.
حبسه الملك الناصر بحلب أو غيرها، فلما استولى هولاكو على الشام وجده محبوسًا فأخرجه وأنعم عليه وأخذه معه، فبقي عند التتار مكرمًا وتأهل وجاءته الأولاد، ثم حرص الملك الظاهر خشداشه على خلاصه، فوقع ابن صاحب سيس في أسره، فاشترط على والده أن يسعى في خلاص سنقر الأشقر، وجرت فصول قد ذكرناها ويسر الله وخلص وقدم، فأكرمه الملك الظاهر وسر بقدومه وأعطاه مائة فارس، ثم ولي نيابة دمشق سنة ثمان وسبعين، ثم تسلطن بدمشق في آخر السنة، وجرت له أمور ذكرنا أكثرها في الحوادث وآخر أمره أن الملك الأشرف صلاح الدين في آخر العام خنقه.
رأيته شيخًا أشقر، كبير اللحية، ضخمًا، سمينًا، على عينيه شعرية من الرمد وكان بطلاً شجاعًا كريمًا محببًا إلى الرعية، قليل الأذية، خلف عدة أولاد وبعضهم أمراء، وله ابن في التتار من مقدميهم، وأما رنكه فجاخ أسود بين أبيضين، ثم فوقه وتحته أحمر، وكان يكتب عامته سنقر الأشقر ومات يوم مات وقد قارب السبعين أو جاوزها.
وكان مصافيًا للظاهر وهما أجناد وبينهما ود، ثم كان نظيرًا للظاهر في أيام المعز، ولما تملك الظاهر تذكر صحبته له واشتاق إليه وبلغه بقاؤه مع التتار فحرص على خلاصه كما ذكرنا.
ذكر ذلك ابن عبد الظاهر، فمن جملته أن السلطان من جملة
(١) المردكة: لفظة فارسية تعني في أصلها الرجولة، ولعل المراد هنا: أعمال الشر.