مشددة في أمواله ونسائه، فأحضروا له القضاة والعلماء، فأفتوه بما رأوا من المصلحة، وكفر عنه المهدي، وأعطاه أموالا كما قدمنا، وكان خلعه في أثناء المحرم، ثم صعد المهدي المنبر وخطب، وصعد عيسى فبايع أول الناس بالعهد لموسى الهادي، وكتب بخلعه ما صورته:
هذا كتاب لعبد الله المهدي محمد أمير المؤمنين، ولأهل بيته وجنده وعامة المسلمين، كتبه عيسى بن موسى فيما كان جعله له من العهد إذ كان أبى حتى اجتمعت كلمة المسلمين واتسق أمرهم على الرضا بولاية موسى، وخلعت نفسي مما كان في رقابكم من البيعة لي، وجعلتكم في حل وسعة من ذلك، فليس في ذلك لي دعوى ولا طلبة ولا حجة ولا مقالة ولا طاعة على أحد، ولا بيعة في حياتهما، ولا ما دمت حيا، والتمام عليه عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله وذمة آبائي، وأعظم ما أخذ الله واعتهد على أحد من خلقه من عهد أو ميثاق، أو تغليظ على السمع والطاعة والنصيحة لهما، والموالاة لهما، ولمن والاهما، والمعاداة لمن عاداهما في هذا الأمر الذي خرجت منه، فإن أنا نكثت أو غيرت أو أدغلت، فكل زوجة لي أو أتزوجها إلى ثلاثين سنة طالق ثلاثا ألبتة، وكل مملوك لي أو أملكه إلى ثلاثين سنة أحرار، وكل ملك لي من نقد أو عرض أو قرض أو أرض أو أستفيده إلى ثلاثين سنة صدقة على المساكين، وعلي المشي من العراق حافيا إلى بيت الله نذرا واجبا ثلاثين سنة لا كفارة لي ولا مخرج إلا الوفاء به، والله علي بالوفاء بذلك راع كفيل شهيد.
وأشهد عليه بذلك أربع مائة وثلاثون رجلا.
وفيها نازل عبد الملك المسمعي باربد من الهند، ونصب المجانيق عليها وافتتحها عنوة، حتى ألجأهم المسلمون في المدينة إلى بدهم، فأشعلوا فيها النيران والنفط، فاحترق منهم طائفة، وقتل خلق، واستشهد من المسلمين بضعة وعشرون رجلا، ولبث المسلمون مدة لهيجان البحر، فأصابهم في أفواههم داء يقال له حمام قر، فمات منهم نحو ألف، منهم الربيع بن صبيح