وفيها وصل إلى بغداد أبو الحسن الغزنوي، فوعظ، وأقبلوا عليه. ثم ورد بعده أبو الفتوح الإسفراييني، ونزل برباط أبي سعد، وتكلم بمذهب الأشعري، ثم سلم إليه رباط الأرجوانية.
[سنة سبع عشرة وخمسمائة]
في أولها رحل المسترشد بالله، ثم نزل بقرية تعرف بالحديثة من نهر الملك، وأتاه البرسقي وجماعة الأمراء، وحلفوا على المناصحة والمبالغة في الحرب.
وقرأ محمد بن عمر الأهوزاي على المسترشد جزء ابن عرفة وهو سائر، ثم سار إلى النيل. ورتب البرسقي بنفسه الجيش صفوفًا، فكانوا نحو الفرسخ عرضًا، وجعل بين كل صفين مجالًا للخيل، ووقف الخليفة في موكبه من ورائهم، بحيث يراهم.
فرتب دبيس عسكره صفًا واحدًا، والرجالة بين يدي الفرسان بالتراس الكبار، ووقف في القلب، ومنى عسكره، ووعدهم نهب بغداد. فلما تراءى الجمعان حملت رجالة دبيس، وكان قد استصحب معه القيان والمخانيث بالدفوف والزمر يحرضون عسكره، ولم يسمع في عسكر الخليفة إلا القرآن والذكر والدعاء.
فحمل عنيز الكردي على صف الخليفة، فتراجعوا وتأخروا، ثم جرد الخليفة سيفه وصعد على تل، فقال عسكر دبيس: إن عنيزا خامر، فلم يصدق. فلما رأى المهد والعلم والموكب قد صعدوا تيقن غدر عنيز بن أبي العسكر، فهرب ووقعت الهزيمة.
وعبر دبيس الفرات بفرسه، وأدركته الخيل، ففاتهم، فقيل: إن عجوزًا هناك قالت: دبيس دبير جيت، فقال: دبير من لم يجئ.
وقتل خلق من رجالته، وأسر خلق كثير، وقتل من عسكر الخليفة عشرون فارسًا، وعاد منصورًا. ودخل بغداد يوم عاشوراء، وأمر بجباية الأموال ليعمل سورًا على بغداد، فجبي شيء كثير، ثم أعيد ذلك إليهم، فعظم دعاؤهم له. وشرعوا في عمل السور في صفر، وكان كل جمعة يعمل أهل محلة يخرجون بالطبول والخيالات.
وعزم الخليفة على ختان أولاده وأولاد إخوته، فكانوا اثني عشر صبيًا، فغلقت بغداد، وعمل الناس القباب، وعملت خاتون قبة باب النوبي، وعلقت عليها من الديباج والجواهر ما أدهش الأبصار. وعملت قبة على باب السيد العلوي، عليها غرائب الحلي والحلل. من ذلك ستران من الديباج الرومي،