وكانت لبيبة حازمة، فبعثت إليه تقول: يا ابن عمّي، إنّي قد رغبت فيك لقرابتك وأمانتك وصدقك وحسن خلقك، ثم عرضت عليه نفسها، فقال ذلك لأعمامه، فجاء معه حمزة عمّه حتى دخل على خويلد فخطبها منه، وأصدقها النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - عشرين بكرة، فلم يتزوّج عليها حتى ماتت. وتزوّجها وعمره خمس وعشرون سنة.
وقال أحمد في مسنده: حدثنا أبو كامل، قال: حدثنا حمّاد، عن عمّار بن أبي عمّار، عن ابن عبّاس - فيما يحسب حمّاد -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر خديجة، وكان أبوها يرغب عن أن يزوّجه، فصنعت هي طعاما وشرابا، فدعت أباها وزمرا من قريش، فطعموا وشربوا حتى ثملوا، فقالت لأبيها: إنّ محمدا يخطبني فزوّجني إياه، فزوّجها إيّاه، فخلّقته وألبسته حلّة كعادتهم، فلما صحا نظر، فإذا هو مخلّق فقال: ما شأني؟ فقالت: زوّجتني محمدا، فقال: وأنا أزوّج يتيم أبي طالب! لا لعمري، فقالت: أما تستحي؟ تريد أن تسفّه نفسك عند قريش بأنّك كنت سكران، فلم تزل به حتى رضي.
وقد روى طرفا منه الأعمش، عن أبي خالد الوالبي، عن جابر بن سمرة أو غيره.
وأولاده كلّهم من خديجة سوى إبراهيم، وهم: القاسم، والطّيّب، والطّاهر، وماتوا صغارا رضّعا قبل المبعث، ورقيّة، وزينب، وأمّ كلثوم، وفاطمة، رضي الله عنهم، فرقيّة، وأمّ كلثوم زوّجتا عثمان بن عفّان، وزينب زوجة أبي العاص بن الرّبيع بن عبد شمس، وفاطمة زوجة عليّ، رضي الله عنهم أجمعين.