وأنت معك الدنيا فاتركني. فلم يدعه، وعزم على حربه، فعبر إسماعيل نهر جيحون إليه بغتة في الشتاء، فخارت قوى عمرو وأخذ في الهرب في الوحل والبرد، فأحاط به أصحاب إسماعيل وأسروه.
قال ابن عرفة نفطويه النحوي في تاريخه: حدثني محمد بن أحمد بن خيار الكاتب - وكان شخص مع عبد الله بن الفتح حين وجه به إلى إسماعيل بن أحمد - قال: كان السبب في انهزام عمرو بن الليث وهربه وهرب أصحابه عند عبور إسماعيل إلى بلخ ومقام عمرو بها أن أهلها سئموا مقامه ونزول أصحابه في منازلهم، وإفسادهم أولادهم، ومد أيديهم إلى أموالهم. فوافى إسماعيل فأقام على باب بلخ مدة، ثم خرج أمير من أمراء إسماعيل في أربعين رجلًا إلى موضع فيه ثلج على فرسخ من بلخ ليحمل لإسماعيل الثلج، فصادف رجالًا من أصحاب عمرو في الموضع، فأوقع بهم وقتل، فانهزموا مجروحين إلى البلد، فأنذروا أصحاب عمرو، وعرفوهم أن إسماعيل قد قدم، فأخذوا في الهزيمة، فركبت عساكر إسماعيل أقفيتهم، وخرج عمرو من البلد هاربًا عندما رأى من هرب جيشه من غير حرب جرت، وتقطر بعمرو شهري تحته في محور ووحول على نحو فرسخين، وصادفه غلمان إسماعيل الأتراك وهو قاعد في الموضع والشهري واقف، فأتوا به مضرب إسماعيل صاحبهم، فقام إليه إسماعيل وضمه إلى نفسه وقبل عينيه وأجلسه إلى جانبه، وقال: عز علي والله يا أخي ما نالك، وما كنت أحب أن يجري هذا. وأمر بنزع خفه وثيابه التي استوحل فيها، ودعا له بطست وماء ورد فغسل وجهه ورجليه، وألبسه خلعة، ودعا له بسكنجبين، وفي خلال ذلك يمسح إسماعيل وجه عمرو بمنديل معه، فامتنع من السكنجبين، فقال له أبو بكر وزير إسماعيل: اشرب واطمئن. وأخذ إسماعيل القدح فشرب وناوله، ثم دعا بالطعام وأكلا، وقال: أيما أحب إليك؛ المقام، أو البعثة بك إلى أخي أبي يعقوب إسحاق متولي سمرقند؟ قال: احلف لي أنك لا تغدر بي، ولا تغتالني، ولا تسلمني. فحلف له وتوثق، ثم بعث به إلى أخيه، ووافى عبد الله بن الفتح من المعتضد بالخلع والمال إلى إسماعيل،